الحرب الأرمينية الأذربيجانية تعطل خطط تركيا وأوروبا لتقليل الاعتماد على الغاز الروسي

تتمتع منطقة توفوز في أذربيجان بموقع استراتيجي حساس، ما يجعل الهجمات الأرمينية الأخيرة عليها سببا في زعزعة أمن الطاقة في كل من أذربيجان وتركيا، بل وأوروبا في إطار سعيها لتقليل الاعتماد على الغاز الروسي.
تشكل توفوز ممرا لعدة مشاريع استراتيجية في مجال النقل ونقل الطاقة، أبرزها خطي باكو – تبيليسي – جيهان، وباكو – تبيليسي – أرضروم لنقل النفط والغاز.

كذلك مشروع خط أنابيب الغاز الطبيعي العابر للأناضول “تاناب”، إضافة إلى سكة حديد باكو – تبليسي – قارص، فضلًا عن أن استهداف أرمينيا لهذه المنطقة يشير إلى رغبة يريفان في توسيع الصراع ونقله إلى خارج كراباخ.
تساهم أذربيجان، البلد المصدر للنفط والغاز من منطقة بحر قزوين إلى الأسواق الدولية، بقدر كبير من أمن الطاقة في تركيا.

كما أن مشاريع الطاقة الدولية، التي لها دور حاسم في تعافي أذربيجان من نفوذ إيران وروسيا في المنطقة، هي في الواقع حيوية للغاية بالنسبة لباكو على الصعيدين الاقتصادي والسياسي.

بدأت أذربيجان، التي حققت أرقام تصدير كبيرة، خاصة من خلال خطوط أنابيب الغاز الطبيعي والنفط، في إظهار أداء اقتصادي أقوى مقارنة بالدول الأخرى في جنوب القوقاز، ما دفع أرمينيا إلى شن هجمات عسكرية تهدف لإضعاف النفوذ الأذربيجاني المتزايد في المنطقة.

أذربيجان والطاقة

تقع أذربيجان، وهي من المنتجين المهمين على مستوى العالم للغاز الطبيعي والنفط، في منطقة جغرافية حساسة من حيث نقل الموارد الطبيعية من منطقة بحر قزوين إلى أسواق الطاقة الدولية.

ومكنت خطوط أنابيب نقل النفط والغاز التي جرى تأسيسها بين تركيا وأذربيجان، من وصول باكو إلى الأسواق الدولية، لتتحول إلى لاعب مؤثر في القوقاز.

تمتلك أذربيجان ما يقرب من 1.7 تريليون متر مكعب من الغاز الطبيعي و7 مليارات برميل من احتياطيات النفط، ما يجعلها من المنتجين المهمين للموارد الهيدروكربونية.

تمكنت أذربيجان من تصدير أكثر من 30 مليون طن من النفط وحوالي 11 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويا، أي أكثر من 90 بالمئة من صادرات البلاد، وركزت تلك الصادرات على الوصول إلى أسواق الدول الأوروبية المتعطشة للطاقة.

من المتوقع أن تنتج أذربيجان، التي تحقق تقدما كبيرا في إنتاج الغاز الطبيعي، نحو 55 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويا بحلول 2040، وفقا لتوقعات وكالة الطاقة الدولية.

وبالتالي، من المتوقع أن تصبح باكو لاعبا أكثر أهمية في الأسواق العالمية من خلال إرسال نفط قزوين والغاز الطبيعي إلى الأسواق العالمية بكميات أكبر.

تركيا وأذربيجان

بالنظر إلى التعاون في مجال الطاقة بين تركيا وأذربيجان عبر خط أنابيب نقل النفط باكو – تبليسي – جيهان، وخط أنابيب الغاز الطبيعي باكو – تبليسي – أرضروم، تظهر للمراقبين الأهمية الكبيرة التي تكتسبها مشاريع نقل الطاقة من أذربيجان إلى الأسواق العالمية عبر تركيا.

ذلك دفع البلدين أخيرا إلى بناء مشروع جديد عرف باسم خط أنابيب الغاز العابر للأناضول “تاناب”.

إلى ذلك، تقدر توقعات مؤسسة البترول التركية أن تبلغ حصتها السنوية 6.5 بالمئة، بطاقة سنوية لتصدير حوالي 50 مليون طن من النفط الأذربيجاني الخام؛ وحققت المؤسسة دخلا كبيرا من خلال نقل ما يقرب من 3.5 مليارات برميل من النفط منذ 2006.

في الوقت نفسه، تلعب أذربيجان دورا رئيسا في نقل النفط الكازاخستاني إلى ميناء جيهان عبر خطوط الأنابيب هذه، وكذلك دورا مهما في نقل موارد الطاقة من آسيا الوسطى إلى الأسواق الدولية.

ووفقا لاتفاقية أبرمتها أذربيجان وكازاخستان، فمن المخطط تصدير ما يصل إلى 21 مليون طن من النفط الكازاخستاني بعد بناء مرافق البنية التحتية اللازمة لذلك، بهدف نقل 3 ملايين طن من النفط الكازاخستاني سنويا عبر أذربيجان رغم معارضة روسيا وإيران.

من خلال هذه المشاريع، تحولت أذربيجان إلى لاعب مهم في جنوب القوقاز، لا سيما مع المساعي الحثيثة لهذه الدولة لتطوير قطاعات اقتصادية واستراتيجية من خلال عائدات النفط، ولعبها دورًا مهمًا في إنتاج النفط والغاز.
ومن خلال خط أنابيب الغاز الطبيعي باكو – تبيليسي – أرضروم، بدأت تركيا تقليل اعتمادها على روسيا وإيران. وقد ساهم هذا المشروع في زيادة أمن الطاقة في تركيا.

ساهم النفط والغاز الأذربيجاني في تقليل فاتورة الطاقة التركية من الغاز الإيراني والروسي إلى حد ما، كما تمكنت تركيا من زيادة حجم الاستهلاك من هذه الموارد الحيوية، اعتبارا من 2020، مع بدء عمل خط أنابيب الغاز العابر للأناضول “تاناب”.

هكذا، سيكون بمقدور تركيا، التي وصلت نسبة اعتمادها على الغاز الأذربيجاني إلى 35 بالمئة، إنهاء العقد طويل الأجل لاستخدام الغاز الروسي بحلول نهاية 2021. ومن المتوقع تراجع نسبة اعتماد تركيا على موارد الطاقة الروسية والإيرانية بعد بدء “تاناب” العمل بالسعة الكاملة.

يستحوذ خط أنابيب نقل الغاز العابر للأناضول “تاناب”، على أهمية خاصة في خريطة الطاقة العالمية، ما دفع الكثير من المراقبين إلى إطلاق اسم “طريق الحرير للطاقة” على “تاناب”.

تمكن هذا الخط، الذي من المزمع أن ينقل 16 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي الأذربيجاني إلى تركيا والأسواق الدولية في المرحلة الأولى، و24 مليار متر مكعب بحلول 2023، و31 مليار متر مكعب في 2026، من زيادة استهلاك تركيا من مادة الغاز الطبيعي.

فيما تبلغ الأرباح التركية من هذا المشروع أكثر من 40 مليار دولار بحلول عام 2045.

تحول خط “تاناب”، الذي ينطلق من نقطة قرب ولاية أدرنة التركية (شمال غرب)، لنقل الغاز إلى خط أنابيب الغاز الطبيعي عبر البحر الأدرياتيكي “تاب”، عبر اليونان وإيطاليا، إلى طريق مهم في خريطة إمدادات الغاز الطبيعي في أوروبا.

مصدرالعربي الجديد
المادة السابقةسعر صفيحة زيت الزيتون في محافظة النبطية بلغ 600 ألف ليرة
المقالة القادمةهيونداي تطلق كريتا مخصصة لدول الخليج