“الزراعة” واستراتيجية “اليباس”… من عباس إلى عباس

الاستراتيجية الوطنية للزراعة في لبنان 2020 – 2025 واحدة من هذه الخطط. وضعتها وزارة الزراعة في عهد الوزير عباس مرتضى بدعم من منظمة «الأغذية والزراعة للأمم المتحدة» FAO عندما أرخت الأزمة الاقتصادية أوزارها فوق البلد وقطاعاته الإنتاجية. وقد هدفت الاستراتيجية التي قدّرت كلفتها بـ710 ملايين دولار إلى تحقيق 4 أمور أساسية:

– زيادة الإنتاج لتلبية الحاجات الغذائية الناشئة والملحة في مواجهة ارتفاع أكلاف الاستيراد.

– تأمين الدعمين المالي واللوجستي للمزارعين، ومساعدتهم على الصمود.

– تعزيز القدرة التنافسية في القطاع الزراعي لتطوير الصادرات.

– المحافظة على الإدارة المستدامة للموارد الطبيعية وزيادة استخدام الطاقة المتجدّدة للتخفيف من تأثيرات تغيّر المناخ.

اليوم، وبعد مرور نصف المهلة الزمنية الموضوعة للإستراتيجية الزراعية لتحقيق الهدف، نسأل: أين أصبح العمل بهذه الاستراتيجية، ولماذا نسمع دائماً جعجعة خطط، ولا نرى طحيناً؟ هل المشكلة في التنفيذ، أو في عدم واقعية هذه الخطط؟

قبل الحديث عمّا تحقّق من الطموحات الكبيرة، فإن «وزارة الزراعة لم تستطع إقناع النظام السوري في رفع، أو حتى تخفيض، رسم عبور الشاحنات الزراعية في الأراضي السورية، والذي يتراوح بين 2500 و7000 دولار، ويتحدّد بحسب وزن الشاحنة، والمسافة التي تقطعها في الأراضي السورية»، يقول رئيس اللجنة الاقتصادية في غرفة التجارة والزراعة والصناعة في زحلة والبقاع طوني طعمة. و»ذلك على الرغم من ادّعاء وزير الزراعة الحالي عباس الحاج حسن إزالة هذا الرسم بـ»تلفون واحد» من على أحد منابر البرامج التلفزيونية».

في الوقت الذي تسعى فيه الاستراتيجية الوطنية لتأمين استدامة سبل عيش العاملين في القطاع الزراعي والمنتجين للحفاظ على ديمومة أعمالهم، لم يحصل المزارعون المصدّرون منذ ثلاث سنوات على عائدات دعم التصدير الزراعي. وهي المبادرة التي تقوم بها «إيدال»، وتعطي نحو 75 ليرة على كل كيلوغرام مصدّر، أو ما يعادل 50 دولاراً على الطن. الأمر الذي أدّى إلى ذوبان مستحقاتهم وخسارتها أكثر من 90 في المئة من قيمتها الفعلية. فمستحقّات المزارع التي كانت تعادل 150 مليون ليرة، لم تعد تساوي اليوم أكثر من 7000 دولار.

كيف يمكن دعم المزارعين، وزيادة الإنتاج الزراعي، وتأمين الأمن الغذائي، إذا كان وزير الاقتصاد الحالي أمين سلام يسوّق أن القمح اللبناني لا يصلح لإنتاج رغيف الخبز»، يسأل رئيس «تجمع مزارعي وفلاحي البقاع»، إبراهيم ترشيشي. فـ»العقلية التي تتحكّم بالسلطة لا تقيم اعتباراً للإنتاج الوطني، ليس لأنه غير صالح، إنما للمحافظة على كارتلات الاستيراد. حيث يدفع المستورد 800 ليرة على كيلو قمح، فيما تتحمّل الدولة 9000 آلاف ليرة. وفي السياق عينه «كيف يمكن زيادة التصدير إذا كان المسؤولون يفتعلون كل يوم مشكلة مع الدول التي تشكل أسواقها مرتكزاً أساسياً للصادرات الزراعية مثل الدول الخليجية.

أمام هذا الواقع يتّضح أن المشكلة الأساسية تكمن في التنفيذ، إلا أن هذا لا يعني أن التخطيط يتلاءم مع أرض الواقع. فـ»الاستراتيجية الوطنية للزراعة التي أطلقت في العام 2020 لم تكن الأولى، بحسب مسؤول اللجنة الزراعية في المجلس الاقتصادي والاجتماعي عمران فخري، «فقد سبقها العديد من الخطط والدراسات. ولعلّ أبرزها ما لحظته شركة «ماكينزي» في العام 2018 في ما خص الزراعة». وبحسب فخري فإن «هذه الخطط نموذجية ومتطورة، وتطبيقها يؤدي إلى نتائج إيجابية، بيد أن العقدة تكمن في الوضع السياسي. فهذه الخطط التي تحتاج إلى تمويل ودعم ومتابعة من الجهات المانحة والمؤسسات الدولية لا يمكن تنفيذها من دون استقرار سياسي وسلطة توحي بالثقة والعمل الجدي. ولا سيما أن الذهنية السياسية السائدة ما زالت عالقة في مربع المحاصصة والتقاسم وتوزيع المنافع بين بعضهم البعض».

مصدرنداء الوطن - خالد أبو شقرا
المادة السابقة«ليلرَة» دولارات الخلوي: عزيزي المشترك راحت عليك!
المقالة القادمة“الطاقات المتجدّدة” على طاولة مجلس الوزراء… فهل يتمّ تشويه المشروع؟