السوق الصينية ملاذ الشركات الأوروبية ما بعد الوباء

تعتزم الشركات الأوروبية التوجه نحو السوق الصينية ما بعد جائحة كورونا كملاذ آمن، وفق ما تؤكده تصريحات العديد من رجال الأعمال وأصحاب الاستثمارات، نظرا لما أبداه مناخ الأعمال من صمود ومرونة أمام تداعيات الوباء فضلا على دور بكين الأساسي في سلاسل التوريد العالمية ما عزز ثقة المستثمرين.

أكد رجال أعمال أوروبيون تزايد ثقتهم في الوجهة الصينية للاستثمار ما بعد الوباء، حيث اكتسبت بكين ثقة عالية بفضل متانة اقتصادها أمام الفايروس والسرعة الملحوظة في السيطرة على المرض.

ونقلت وكالة الأنباء الصينية شينخوا عن بعض رجال الأعمال تعبيرهم عن تزايد ثقتهم في الصين كوجهة استثمارية.

وبالنسبة لرجل الأعمال ستيفان دوبوتشكي، البالغ من العمر 52 عاما، حمل القطار الذي توجه إلى الصين في 20 أغسطس من فيينا وعلى متنه 41 حاوية من منتجات شركته لينزينغ غروب، حمل أيضا ثقته بالسوق الصيني.

وقالت لينزينغ غروب، وهي شركة منتجة للألياف مقرها النمسا، في بيان صحافي، “للمرة الأولى في تاريخ النمسا، ترسل شركة محلية بضائع منتجة بنسبة 100 في المئة في النمسا مباشرة إلى الصين بالقطار”.

وقال دوبوتشكي الرئيس التنفيذي للشركة “يمكننا الآن من خلال مسار النقل الجديد تلبية الطلب الكبير من زبائننا على الألياف المنتجة بشكل مستدام وبسرعة أكبر، إذ تصل الألياف المطلوبة بشكل عاجل إلى زبائننا في الصين في زمن أسرع مرتين من الشحن البحري بفضل النقل بالقطار”.

ووفقا لشركة نقل البضائع النمساوية ريل كارغو اوستريا، بلغت قيمة المنتجات التي نقلها القطار، وخاصة الألياف ولباب المنسوجات، 1.8 مليون يورو.

ومن المتوقع أن يتجاوز عدد القطارات التي تعمل على مسار الشحن بالسكك الحديدية بين الصين والنمسا 900 قطار هذا العام.

وتعد الصين أول اقتصاد رئيسي يستأنف النمو منذ تفشي جائحة كوفيد – 19. ولا تزال الشركات الأوروبية تعتبر الصين سوقا مهما ولاعبا لا غنى عنه في سلاسل التوريد العالمية، ولديها الاستعداد للاستفادة من الإمكانيات الجديدة في حقبة ما بعد الوباء.

وتعتبر خدمات الشحن بين الصين وأوروبا، من بين أشياء أخرى، مقياسا للتبادلات الاقتصادية عبر القارتين.

وقد أظهرت بيانات نشرتها مجموعة السكك الحديدية الصينية الحكومية في أغسطس ارتفاع عدد القطارات العاملة على طرق الشحن بنسبة 68 في المئة في يوليو مقارنة بالعام السابق، بعد معدلات النمو المرتفعة التي تحققت في الأشهر الثلاثة السابقة.

وقال دوبوتشكي “الصين بالنسبة لنا أهم دولة في العالم من حيث المبيعات. سنستمر في الاستثمار في الصين، وسنستمر في جلب المنتجات من هنا إلى الصين”.

ونظرا لأهمية السوق الصينية على المدى الطويل، قامت العديد من الشركات الأوروبية المتعددة الجنسيات أيضا مؤخرا بتحركات استثمارية، في وقت جعلت الصدمات الاقتصادية الناجمة عن الأزمة الشركات عموما أكثر حذرا بشأن اتخاذ القرارات الاستثمارية.

وفي مايو الماضي، قالت شركة صناعة السيارات الألمانية فولكسفاغن إنها ستستثمر حوالي 2.1 مليار يورو (2.49 مليار دولار) في التنقل الكهربائي في الصين، منها مليار يورو (1.18 مليار دولار) لزيادة حصتها في مشروع التنقل الإلكتروني المشترك مع شركة جاك موتورز الصينية للسيارات إلى 75 في المئة والاستحواذ على حصة تبلغ 50 في المئة في الشركة الأم لجاك شركة جاج.

وفي يوليو، أعلنت شركة دانون الفرنسية العملاقة للأغذية عن استثمار 100 مليون يورو (118.3 مليون دولار) لتعزيز أعمال التغذية المتخصصة في الصين، بما في ذلك افتتاح مركز أبحاث في شنغهاي واكتساب القدرات المحلية لألبان الأطفال.

وقال لي جيان، النائب البارز لرئيس شركة دانون غريتر تشاينا، “إن جائحة كوفيد – 19 لم تمنع الحكومة الصينية من الترويج لجولة جديدة من الانفتاح رفيع المستوى”، مستشهدا بتنفيذ قانون الاستثمار الأجنبي في البلاد ومشاريع رائدة في مناطق التجارة الحرة ومناطق التجارة الإلكترونية العابرة للحدود.

وبالنسبة لمنتج الشاحنات الألمانية شركة كيون، فقد شهد شهر أغسطس الماضي حفل وضع حجر أساس مصنعها الجديد في مقاطعة شاندونغ بشرقي الصين. وجذب المشروع، الذي كشف النقاب عنه لأول مرة في مارس، استثمارات بقيمة 100 مليون يورو (118.3 مليون دولار) ومن المتوقع أن يخلق أكثر من 800 وظيفة جديدة بحلول عام 2025.

وقال جوردون ريسك، الرئيس التنفيذي لمجموعة “كيون غروب أي.جي” إن “الصين تعافت سريعا من أزمة فايروس كورونا الجديد، وباعتبارها واحدة من أسرع الأسواق نموا في جميع أنحاء العالم، فإنها تلعب دورا رئيسيا في إستراتيجيتنا”.

واعتبر عملاق مستحضرات التجميل الفرنسي لوريال السوق الصينية أحد العوامل الرئيسية التي ساهمت في صمود ومرونة الشركة خلال أزمة كوفيد – 19. وفي البر الرئيسي الصيني، نمت مبيعات الشركة بنسبة 17.5 في المئة في الفترة من يناير إلى يونيوهذا العام.

وفي سياق تعليق جان بول أغون الرئيس التنفيذي لشركة لوريال على النتائج المالية، قال إن “الوضع في الصين يتحسن كل يوم من بعد تفشي كوفيد – 19. ينتعش الاستهلاك، على وجه الخصوص، بسرعة كبيرة وبقوة، حيث نمت تطلعات المستهلكين للحصول على منتجات وخدمات وممارسات أكثر جودة وأمانا خلال إغلاق كوفيد – 19”.

وقال ستيفان فرانزكي، الرئيس التنفيذي لشركة برلين باتنر للأعمال والتكنولوجيا إن “الأرقام الاقتصادية الأخيرة للصين أعطت الأمل لانتعاش الاقتصاد العالمي”.

وأوضح فرانزكي أنه “بعد إجراءات الاحتواء الأولية للمرض، استفاد الاقتصاد الصيني من المسار الاستباقي الأخير للحكومة والذي يسعى إلى تحقيق هدف السيطرة على الوباء وفي الوقت نفسه الحد من تأثيره الاقتصادي”.

وأضاف أن “الحكومة الصينية اتخذت إجراءات سريعة للتخفيف من التبعات الفورية للتباطؤ الاقتصادي الحاد على الشركات والعمالة”.

وأكد فرانزكي ثقته بقدرة ألمانيا والصين على العمل معا في المستقبل بشكل أوثق في العديد من المجالات، مثل الصحة الرقمية والتعليم الإلكتروني والتنقل في المستقبل وتخزين الطاقة ومشاريع المدن الذكية.

وسبق أن قال رودولف مينش، كبير الاقتصاديين في اتحاد الأعمال الوطني السويسري إيكونومييسويس، إن “السوق الصينية باتت محركا مهما للنمو بفضل حجمها وتوسعها المستمر”.

وبرأيه، فإن أهم جزء في السياسة الاقتصادية الصينية اليوم هو التزام الحكومة بتوسيع أبوابها على العالم على الرغم من الصعوبات الناجمة عن أزمة فايروس كورونا المستجد.

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةرسوم الميكانيك مستحقة وقانون الإعفاء لم يقرّ بعد: الدفع او الغرامة؟
المقالة القادمةمرسيدس تخطط لإطلاق مايباخ كهربائية فارهة