المصارف تُحضِّر لطعنة جديدة: هل تتدخّل المحاكم البريطانية؟

روّجت المصارف على مدى سنوات للسندات والأسهم أمام المستثمرين. وأغرتهم بالفوائد المرتفعة وبالاستقرار الزائف للقطاع المصرفي. وما إن انقلبت الأحوال، حتى باشرت المصارف بإعداد آليةٍ لتدفيع الثمن لهذه الفئة من عملائها.

ولذا، تسعى المصارف إلى التواصل مع حملة السندات والأسهم لإيجاد صيغة لسداد المستحقات والحؤول دون اللجوء إلى المحاكم. على أنّ أبرز ما سجّله هذا المسعى، هو مسارعة أحد البنوك الكبرى في لبنان (تتحفّظ “المدن” عن ذكر الإسم مؤقّتاً) للتواصل مع حاملي إحدى أنواع سندات الدين، لثنيهم عن التقاضي في المحاكم البريطانية، والقبول بشروط مجحفة لتسديد المستحقات. أهمّ الشروط، وفق ما تقوله مصادر متابعة للملف، هي “تحويل نحو 66 بالمئة من قيمة السندات من دولار إلى لولار، يوضع في حساب مصرفي في لبنان. أو تأجيل مهلة الدفع بالدولار إلى 10 أو 15 سنة، مع رفع معدل الفوائد. بالإضافة إلى تغيير بعض الشروط التعاقدية، وأهمها تحويل التقاضي إلى المحاكم اللبنانية عوضاً عن المحاكم الأجنبية وخصوصاً البريطانية منها”. وإلى جانب الشروط “على صاحب الدين توقيع براءة ذمة للمصرف، تعفيه من مسؤولية كل الإجراءات والقرارات والنتائج التي ترتّبت على مدى سنوات، وبالأخص خلال الأزمة الحالية”.

وتجدر الإشارة إلى أن التركيز على المحاكم البريطانية يعود إلى ذكرها كمرجع للتقاضي في العقود المبرمة بين أصحاب السندات والبنك المعني في هذه القضية. كما أن تلك المحاكم أُدرِجَت كجهات مختصة في الكثير من العقود بين المصارف اللبنانية وحملة الأسهم والسندات.

يواجه حملة السندات احتمال الخسارة والربح على حدّ سواء. والوقت والمتغيّرات هما اللاعب الأبرز في هذه القضية. لكنهما لا يلغيان حقيقة وقوع أصحاب الحقوق في مكيدة يتغاضى عنها مصرف لبنان وهيئة الأسواق المالية. وإن كان أحصاب الحقوق قد سارعوا للاستثمار في سندات عالية المخاطر، إلا أن للمخاطر أساليب قانونية للتعامل معها. كما أن المصارف لم تعلن إفلاسها ولم تسر في الطريق القانوني لحل هذه الأزمة، بل تقرّ بوجود المال لديها، لكنها تمتنع عن الدفع، وهو ما يعقّد الملف.

مصرف لبنان يغيب عن السمع في هذه القضية. وتذهب المصادر إلى تحميله مسؤولية التواطؤ. وتُعزِّز هذه النظرية، معلومات سابقة تكشف عن شراكة خارجية للمصرف المعني، مع حاكم مصرف لبنان. وبما أن الحاكم هو نفسه رئيس هيئة الأسواق المالية، يصبح جليّاً سبب تغاضي الهيئة عن إصدار المصرف لتلك السندات “من دون الحصول على موافقة الهيئات”، بل وتشير المصادر إلى إمكانية “عدم علم الهيئات مطلقاً بالإصدار، وهو أمر أكثر خطورة من تغاضيها”.

لا يستطيع المصرف المعنّي والمصارف الأخرى التي تريد لحاقه بالإجراءات، ما إن تظهر بوادر إيجابية أمامها، اتخاذ قرارٍ من دون موافقة ثلثيّ حملة السندات “وهؤلاء يتريّثون بإعطاء الموافقة”. على أن المسألة ليست سهلة نظراً “لاختلاف مصالح حملة السندات. فمنهم من يستطيع الانتظار وخوض غمار التقاضي الخارجي، ومنهم من لا يستطيع، بل يفضّل الحصول على مكاسب ملموسة، وإن باللولار، عوض خسارة كل شيء”. ويحاول المصرف منذ نحو 3 أيام إعادة تفعيل مبادرته تجاه حملة السندات، وسيستكملها خلال الأيام المقبلة إلى أن يبرز متغيّر جديد.

مصدرالمدن - خضر حسان
المادة السابقةأكثر من ثلث سكان العالم لا يستخدمون الإنترنت
المقالة القادمةلبنان يدخل مرحلة “التضخّم المفرط”: البلاد تتجه إلى انفجار