المصارف تُكوّن مؤونات على «اليوروبوندز» من أموال المودعين

«العربدات المالية» مُستمرة بين البنك المركزي والمصارف. هذا الوصف يستخدمه مصرفيّ «متقاعد» لوصف جميع أشكال ما يسمّيه رياض سلامة «هندسات». واحدٌ من فصولها هو بيع حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة دولارات للمصارف وفق سعر صرف 1507 ليرات لكلّ دولار، تُستخدم لتكوين المؤونات على سندات الدين بالعملة الأجنبية (يوروبوندز) التي تحملها المصارف، ومجموعها يُقارب الـ11 مليار دولار (أصل السندات وفوائدها). وقد وضع سلامة شرطاً يسمح له بإعادة شراء هذه «الدولارات» بحسب سعر صرف «المنصّة الإلكترونية» (المُنشأة بموجب التعميم الرقم 151) كما يكون حين يقرر استعادة «الدولارات».

الاتفاق بين مصرف لبنان والمصارف يعني أنّ «الشريكين» ينويان مُمارسة خداع مُحاسبي، يُتيح تسجيل أرقامٍ غير واقعية في «دفتر الحسابات»، للإيحاء بالالتزام بتأمين الضمانات على سندات «اليوروبوندز»، فيما هما يقومان بتركيب «الطرابيش». وقد وافق سلامة على أن يبيع المصارف دولارات تصل إلى نسبة 30% من مجموع الـ45% المطلوب تشكيلها، أي ما يُقارب المليار و650 مليون دولار من مجموع 5 مليارات دولار. مثلاً، المصرف المُحتاج إلى 100 مليون دولار لتغطية «يوروبوندز» بقيمة 220 مليون دولار، سيبيعه مصرف لبنان 30 مليون دولار وهمي. وهذا القرار اتُّخذ بعد إثارة المصارف للمخاطر في تبدّلات سعر السوق، وستتحملها في حال كوّنت مؤونات (بالليرة) بغير عُملة السند (الدولار). وتأتي لجنة الرقابة على المصارف لـ«تُكمّل» عمل سلامة، فتُجيز للمصارف بتقسيط المؤونات الواجب تكوينها على سندات الدين وشهادات الإيداع والقروض المشكوك بتحصيلها، على فترات زمنية تُراوح بين 5 و10 سنوات، وفقاً لحالة كلّ مصرف… أو «حظوته». فيُنقل عن أعضاء في اللجنة أنّ «تقسيط المؤونات» يتمّ بطريقة استنسابية وخارج أي معايير.

تقول مصادر مصرفية إنّه «يُفترض في الحالات الطبيعية أن تضخّ المصارف من أموالها الخاصة لتكوين مؤونات. ولكن طالما أنّها لم تمدّ يدها إلى جيبها، ومصرف لبنان ارتاح من أعباء مُعينة، وسُوّيت حسابات شكلية، فلا أحد منهما خاسر». الضرر الأكبر سيُلقى على كاهل المودعين الذين تُستخدم أموالهم مرّة جديدة لمحاولة انتشال المصارف، دفترياً، وعلى الليرة الوطنية التي ستنهار أكثر مع ارتفاع التضخم، في حال قرّر رياض سلامة إعادة شراء الدولارات من المصارف، وتأمين ربح لها، بما لا يقلّ عن 2400 ليرة لكلّ دولار.

مصدرجريدة الأخبار - ليا القزي
المادة السابقةوزارة الإقتصاد تصدر الجدول الأسبوعي لسعر الخبز.. فهل من تغيير؟
المقالة القادمة“الدستوري” يُسقط أبطال “مسرحية” العتمة ويضع “الطاقة” أمام مسؤولياتها