المنصّة انطلقت نظرياً… لكن التداول لم يبدأ

بعد إطفاء معظم ديون القطاع الخاص في القطاع المصرفي بالودائع العالقة، وبعد خفض الودائع بالدولار عبر بيع الشيكات المصرفية وشراء العقارات، وبعد ان لجأ المودعون الى سحب قسم من ودائعهم بالعملات الاجنبية، بالليرة على سعر صرف الـ3900 ليرة، تشير التقديرات الى ان حجم الودائع الدولارية في القطاع المصرفي تراجع الى نحو 110 مليارات دولار منذ تشرين الثاني 2019 ولغاية الفصل الاول من العام 2021 وفقاً لإحصاءات البنك المركزي. هذه السياسة النقدية المتّبعة منذ بدء الازمة قلّصت حجم الودائع بالدولار من خلال اقتطاعٍ مبطّن من الودائع من دون الاعلان عن قرار رسمي بتحميل المودعين جزءاً من الخسائر.

اليوم، وبعد مرور عام ونصف العام على بدء الأزمة واحتجاز أموال المودعين، يطرح مصرف لبنان مبادرة لتسديد تدريجي للودائع بالعملات كافة في وقت نضبت فيه أموال احتياطي البنك المركزي من العملات الاجنبية، وفي وقت يستعدّ مصرف لبنان لإعادة هيكلة القطاع المصرفي، وبالتالي تنحية المصارف التي عجزت عن زيادة رأسمالها وتكوين سيولة نقدية في الخارج. وفيما لا تزال مبادرة مصرف لبنان غامضة، كيف يمكن ان تسير المصارف بها وهي غير قادرة على استخدام ودائعها الدولارية لدى مصرف لبنان ولا تعلم حتى حجم ما تبقى منها؟

كذلك الامر بالنسبة للسيولة النقدية بالدولار التي ستحتاجها المصارف لتأمين الطلب على الدولار عبر المنصة الالكترونية لمصرف لبنان، والتي انطلقت امس بعد ان أصدر مصرف لبنان التعميم اللازم حول آلية عملها، رغم انّ مصادر مصرفية اكدت لـ»الجمهورية» ان المصارف لم تباشر بعد عمليات بيع وشراء الدولارات عبرها. واكد المصدر ان مصرف لبنان سيتدخل لضبط سعر الصرف في المنصة من خلال صندوق خاص لتثبيت القطع، مشدداً على ان مصرف لبنان والمصارف لن يموّلا عمليات المنصة بل ستقوم بتمويل ذاتها من خلال العرض والطلب، «وفي حال رأى البنك المركزي ان هناك ضغوطات كبيرة، سيعمد الى التدخل».

وبالاضافة الى دورها المستهدف في لجم انهيار الليرة، فإنّ منصة «صيرفة» قد تكون أداة أخرى لتقليص حجم الودائع بشكل اضافي، انطلاقاً من عمليات شراء وبيع الدولارات بسعر صرف موازٍ للسوق السوداء، على ان يكون متاحاً امام المودعين سحب الليرات من حساباتهم وشراء الدولارات بها عبر المنصة.

وقد يتاح لهم ومن اجل تحفيزهم، السحب من الحسابات الدولارية على سعر صرف الـ3900 ليرة لشراء الدولارات عبر المنصة، بما سيساهم في خفض حجم الودائع الدولارية، دفترياً، من دون الحاجة لضَخ سيولة نقدية اضافية بالليرة في السوق، وذلك عبر استبدالها بدولارات نقدية وفقاً لسعر المنصة الجديدة. لتكون تلك العملية نوعاً من الاقتطاع المبطّن أيضاً على غرار السحب على سعر صرف الـ3900 ليرة ولكن من دون الاضطرار الى استخدام سيولة نقدية بالليرة وبسقوف محددة لمنع ارتفاع حجم الكتلة النقدية بالليرة في السوق، بل فقط عملية دفترية تؤمن شراء دولارات نقدية على سعر السوق السوداء.

مصدرجريدة الجمهورية - رنى سعرتي
المادة السابقةمن خيارات «مصرف لبنان».. الى الأمر الواقع!
المقالة القادمة«هدنة جزئية» في «حرب رسوم الأطلسي»