الهند تضع العالم أمام معضلة فقدان الأرز من الأسواق

فاجأت الهند الأسواق العالمية بمنع تصدير أصناف من الأرز إلا بشروط تتعلق بدفع رسوم إضافية على كل شحنة، بهدف تهدئة الأسعار محليا.

ويقول خبراء إن خطوة الهند تهدد بزعزعة أسواق المحاصيل العالمية وتفاقم تضخم أسعار الغذاء وأزمة الجوع لمادة الأرز التي تدخل بشكل أساسي في غذاء الملايين من الناس حول العالم ولاسيما في آسيا وأفريقيا.

وقال خمسة مصدرين لرويترز إن “تحميل الأرز توقف في الموانئ الهندية وأن ما يقرب من مليون طن من الحبوب محاصرة هناك”.

وأوضحت المصادر أن المشترين يرفضون دفع ضريبة الصادرات الحكومية الجديدة علاوة على سعر العقد المتفق عليه.

وحظرت الحكومة صادرات الأرز المكسور وفرضت رسوما بنسبة 20 في المئة على الصادرات من مختلف الأنواع الأخرى الخميس الماضي.

وتُطبق هذه القيود على ما يقرب من 60 في المئة من إجمالي صادرات الأرز في الهند، وفقا لحسابات وكالة بلومبرغ.

وتشمل القيود المفروضة على أصناف الأرز البني غير المطحون والمقشر، وكذلك الأرز شبه المطحون والمطحون بالكامل أو الأرز الأبيض، لكن تم إعفاء الأرز المسلوق والبسمتي من الرسوم الجديدة.

ومن المتوقع أن تعود هذه التدابير بالفائدة على الدول المورّدة المنافسة وبخاصة تايلندا وفيتنام، إذ تتعاون الدولتان لدعم أسعار الأرز.

وقال ألفين تاي المحلل في بلومبرغ إنتليجنس إن “من شأن القيود التجارية أن تُثير مخاوف كبيرة بشأن الإمدادات، لأنّ الهند هي أكبر دولة مُصدرّة للأرز”.

وأضاف “لن تُساعد هذه الإجراءات في الحدّ من تضخم أسعار الغذاء عالميا، بل يعتمد ذلك على المدة التي سيستمر فيها هذا الحظر”.

ويحاول أكبر مصدر للحبوب في العالم تعزيز الإمدادات المحلية وضبط الأسعار بعد أن أدى هطول الأمطار الموسمية الذي يقل عن المتوسط إلى الحد من الزراعة.

وقال كريشنا راو رئيس اتحاد مصدري الأرز لعموم الهند (أي.آي.آر.إي.أي) لرويترز “لقد أصبحت الرسوم سارية اعتبارا من منتصف ليل الخميس/ الجمعة، لكن المشترين ليسوا مستعدين لدفع الرسوم”. وأضاف “لقد توقفنا عن تحميل السفن”.

وتشحن الهند حوالي مليوني طن من الأرز شهريا، بكميات كبيرة يتم تحميلها من الموانئ الشرقية مثل كاكينادا وفيساخاباتنام في ولاية أندرا براديش.

وقال هيمانشو أغاروال المدير التنفيذي في شركة ساتيام بالاجي، أكبر شركة في الهند، إنه “في ظروف مماثلة، قدمت نيودلهي في الماضي إعفاءات للعقود المدعومة بخطابات ائتمان، أو ضمانات الدفع، التي صدرت حتى اليوم الذي أجرت فيه الحكومة تغييرا”.

لكن هذا لم يحدث هذه المرة. وأوضح أغاروال أن “الهوامش ضئيلة للغاية في تجارة الأرز ولا يستطيع المصدرون دفع رسوم 20 في المئة”.

وأضاف “يجب على الحكومة السماح بالتصدير مقابل خطابات الاعتماد الصادرة بالفعل”.

وسمحت نيودلهي بالتصدير مقابل خطابات الاعتماد الصادرة بالفعل عندما حظرت صادرات القمح في وقت سابق من هذا العام.

ويقدر التجار أن حوالي 750 ألف طن من الأرز الأبيض ملقاة في الموانئ، والتي تجتذب 20 في المئة من الرسوم اعتبارا من الجمعة.

أما بالنسبة إلى حظر الأرز المخالف، فقد سمحت الهند بتحميل الشحنات التي تم تسليمها للجمارك أو حيث كانت السفينة راسية قبل إشعار الخميس. لكن التحميل يجب أن يكتمل قبل يوم الخميس المقبل.

وقال تاجر مقره نيودلهي مع شركة تجارية عالمية لرويترز إن “350 ألف طن على الأقل من الأرز المكسور الموجودة في موانئ مختلفة لا تفي بهذه المعايير، كما أن إعادة الشحنات إلى المناطق النائية أمر غير ممكن”.

وقال المصدرون إن شحنات الأرز المعطلة كانت متوجهة إلى الصين والسنغال وجيبوتي، بينما اشترى زبائن أصنافا أخرى من الأرز الأبيض في بنين وسريلانكا وتركيا ودولة الإمارات.

وطالب اتحاد أي.آي.آر.إي.أي الحكومة بتخفيف القواعد الجديدة للشحنات الانتقالية التي يبلغ مجموعها 750 ألف طن من الأرز الأبيض ونصف مليون طن من الأرز المكسور.

وتصدر الهند الأرز إلى أكثر من 150 دولة، وأي تخفيض في الشحنات سيزيد من الضغط التصاعدي على أسعار المواد الغذائية، التي ترتفع بالفعل بسبب الجفاف وموجات الحر والحرب في أوكرانيا.

وتعتبر هذه المادة الغذاء الأساسي لحوالي نصف سكان كوكب الأرض، حيث تنتج آسيا وتستهلك 90 في المئة من الإمدادات العالمية.

والأرز ثالث سلعة زراعية رئيسية في الهند تشهد قيودا على تجارتها خارجيا هذا العام بعد أن قلّصت الحكومة بالفعل صادرات القمح والسكر، ما أدّى إلى تعزيز موجة الحمائية الغذائية التي ساهمت بدورها في تفاقم الفوضى في أسواق الغذاء العالمية.

وعلى النقيض من الارتفاع الكبير في أسعار القمح والذرة بعد اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا في أواخر فبراير الماضي، فقد شهدت أسعار الأرز تراجعا ملحوظا بسبب المخزونات الوفيرة.

ومن المحتمل أن تساهم الخطوة الأخيرة التي اتخذتها الهند في تغيير الوضع الراهن. ويتوقع راو أن “تزيد خطوة الحكومة الأسعار العالمية للأرز”.

ويقدر راو أن ترتفع أسعار تصدير الأرز الأبيض من 350 دولارا حاليا لتتجاوز بذلك 400 دولار للطن على أساس تسليم مجاني على ظهر السفينة.

كما أشار إلى أنّ المصدرين سيطلبون من الحكومة التنازل عن الضرائب على نحو مليوني طن من الأرز التي تم التعاقد عليها ولكن لم تُشحن بعد.

وقفزت الأسعار هذا العام بفضل زيادة الطلب على الصادرات. وتُعدّ الصين من بين كبار المشترين، إذ تستخدم الأرز في علف الماشية، فضلا عن بعض الدول الأفريقية التي تستورد الأرز للغذاء. وهو يمثل ما يقرب من 20 في المئة من شحنات الهند إلى الخارج.

وتقلصت زراعة الأرز في الهند بنسبة 5.6 في المئة هذا الموسم بسبب النقص الحادّ في هطول الأمطار في بعض المناطق.

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةمنصة بُنى للمدفوعات العربية تعتمد اليورو في التعاملات الفورية
المقالة القادمةالطاقة البديلة ملاذ اللبنانيين للتغلب على نقص الكهرباء