الوقود الروسي المنبوذ أوروبيا يتدفق إلى أسواق الشرق الأوسط

تسعى روسيا إلى تعزيز تموضع صادراتها من الوقود في أسواق الشرق الأوسط إثر شروعها في فتح منافذ لها في كل من آسيا وأفريقيا بعدما ضاقت بها السبل في الأسواق الأوروبية بسبب العقوبات الغربية.

ويقول محللون إن ذلك ينذر بمنافسة ساخنة مع الإمدادات الخليجية ليس في المنطقة بل وفي آسيا على وجه التحديد، والتي لها نصيب الأسد من واردات تلك الأسواق.

وأظهرت بيانات حديثة أن صادرات روسيا الضخمة من الديزل ومنتجات المحروقات الأخرى التي باتت تتجنبها دول كثيرة في أوروبا سرعان ما تسلك سبيلها نحو بلدان الشرق الأوسط في ظل ما تواجهه موسكو من صعوبة في بيع الوقود في أوروبا.

فمنذ فبراير الماضي ارتفعت التدفقات الروسية بشكل شهريّ إلى دول الشرق الأوسط، بالتزامن مع بدء الحرب في أوكرانيا.

ووفقا لبيانات فورتيكسا التي جمعتها بلومبرغ فقد بلغت التدفقات في شهر يونيو الماضي 155 ألف برميل يوميا. وفي المقابل تراجعت واردات أوروبا 30 في المئة خلال هذه الفترة.

وكانت مصادر في القطاع قد قالت الشهر الماضي لوكالة رويترز إن روسيا تتجه إلى زيادة إمدادات البنزين والنفتا إلى عدد من دول الشرق الأوسط وأفريقيا.

ورغم أن شحنات المنتجات البترولية الروسية إلى الشرق الأوسط ليست جديدة، فإنّ التدفقات الأخيرة تبرز تأثير الحرب في تغيير مسار التجارة القائم منذ فترة طويلة، وخلق فرص جديدة للتجار.

فقد حظرت الولايات المتحدة بالفعل الوقود الروسي، في الوقت الذي تفرض فيه عديد من الشركات الأوروبية من تلقاء أنفسها العقوبات على موسكو.

وبدأ الاتحاد الأوروبي يقلص ببطء وارداته من الخام والوقود الروسيين منذ مارس الماضي، ووافق على حظرهما بشكل كامل بحلول نهاية العام الجاري.

وقال جوناثان ليتش، محلل سوق النفط في شركة تيرنر ميسون “عندما نقترب من نهاية العام، قد يزداد تدفق الوقود الروسي، لاسيما الديزل”، مضيفا أنه “من المحتمل أن تؤمّن روسيا شحنات المنتجات البترولية”.

ومعظم واردات دول الشرق الأوسط من روسيا عبارة عن زيت الوقود، وهي عبارة عن بقايا ناتجة عن عمليات التكرير، وغالبا ما تُستخدم في توليد الطاقة والشحن.

وتُظهِر بيانات فورتيكسا أن هذه الواردات تشمل أيضاً البنزين ووقود الطائرات والديزل، فضلاً عن المنتجات الأقل شهرة.

ووصلت تدفقات المشتقات النفطية الروسية إلى المنطقة الشهر الماضي إلى أعلى مستوياتها منذ بداية 2016 على الأقل، وذهب أكثر من ثلثها إلى مركز تجارة وتخزين النفط في الفجيرة الإماراتية.

ويرى كوين ويسلز، محلل منتجات النفط البارز في إنيرجي أسبكتس أنه ليس من السهل تتبع ما يحدث للوقود القادم من روسيا بمجرد تفريغه في الفجيرة.

وقال لبلومبرغ إنه “بعدما يصبح في الخزان يمكن خلطه بزيت آخر، ما يجعل من الصعب تتبع جزيئات النفط الروسية الأصل”.

ويعتقد ويسلز أنه من المحتمل أن تستمر التدفقات الروسية إلى الشرق الأوسط في الوقت الحالي، لكنه رجّح أن تتباطأ في نهاية المطاف بسبب القيود المستقبلية المتعلقة بتأمين الشحن، إذ ستعتمد موسكو بعد ذلك في الغالب على أسطولها الخاص لنقل الشحنات.

وتفيد بيانات فورتيكسا بأن صادرات الوقود الروسي إلى الشرق الأوسط في طريقها لتخطي الرقم القياسي لشهر يونيو، إذ تجاوزت 220 ألف برميل يوميا في الأحد عشر يوما الأولى من هذا الشهر.

ومع ذلك فإنها تمثل جزءا يسيرا من إجمالي صادرات المنتجات النفطية الروسية. كما أنها أبعد ما يكون عن تعويض الانخفاض في واردات أوروبا من روسيا، التي انخفضت بأكثر من نصف مليون برميل يوميا بين شهري فبراير ويونيو.

ومع ذلك ثمة احتمالات بأن يتوجه الوقود الروسي بشكل غير مباشر إلى أوروبا عبر ناقلات الشحن التي ستنطلق من منطقة الخليج.

ويقول ليتش إنه بالنظر إلى المستقبل فإن تجارة وقود الديزل غير الخاضعة للعقوبات ستشمل شحنات روسية متجهة إلى الخليج العربي لتفريغها هناك، ومن ثم تنقل سفينة أخرى الديزل المنتج بالشرق الأوسط إلى أوروبا، لكن ستكون مناطق رمادية، إذ يُحتمل أن يجري نقل المنتج الروسي نفسه بهذه الآلية.

وفي خضم ذلك فإنه لا يمكن تجاهل حقيقة أن الحرب الروسية – الأوكرانية زادت الضغوط على صناعة التكرير العالمية، في وقت كانت قد بدأت فيه التقاط أنفاسها بعد تخفيف قيود الإغلاق المنجرة عن الجائحة.

وتكافح المصافي في كافة أنحاء العالم لتلبية الطلب العالمي على المحروقات وخاصة البنزين والديزل، وهو ما سيؤدي إلى تفاقم ارتفاع الأسعار بشكل أكبر مما هو متوقع، لأن إنتاجها لم يصل بعد إلى مستويات ما قبل الأزمة الصحية.

وتوقعت وكالة الطاقة الدولية في تقرير نشرته في وقت سابق هذا العام أن يصل صافي إضافات قدرات التكرير خلال 2022 إلى 1.2 مليون برميل يوميا في حين كانت سعة التكرير في العام الماضي بمقدار 700 برميل يوميا.

وتشير تقديرات غلوبال داتا إلى أن سعة التكرير على المستوى العالمي قد تنمو بمعدل سنوي يزيد عن اثنين في المئة حتى 2026.

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةمحمد بن زايد: الإمارات ستواصل دعم أمن الطاقة العالمي
المقالة القادمةوكالة الطاقة الدولية تحذر من آفاق نفطية قاتمة