«بطاقة التمويل» في دوّامة تحديد المستفيدين

بعدما أحال رئيس الجمهورية ميشال عون مشروع قانون البطاقة التمويلية إلى مجلس النواب، لم يتأخر الرئيس نبيه بري في تحويله إلى اللجان المشتركة لدرسه. مع ذلك، فإن هذا المسار لن يكون سهلاً، بحسب مصادر المجلس. وبالرغم من أن المشروع لا يحتمل التأجيل، فإن اللجان لن تبدأ بدراسته فوراً، «نظراً إلى اكتظاظ جدول أعمالها»، بحسب مصادر المجلس. هذا ما اعتبرته مصادر نيابية إشارة واضحة من رئيس المجلس إلى أنه «مش ماشي الحال»، والمشروع بصيغته الراهنة سيكون محل خلاف كبير. لكن مع ذلك، تجزم المصادر أن المجلس لن يكون قادراً على «تطنيش» المشروع لفترة طويلة، كما لن تكون الكتل النيابية قادرة على إشهار رفضها للبطاقة، حتى لو كان موقفها نابعاً من أسباب موضوعية، أبرزها عدم وجود تمويل واضح لها.

وهي مشكلة يُتوقع أن تبقى حتى بعد إقرار المجلس للقانون. فالقيمة الفعلية للبطاقة هي نحو ألف و200 مليون دولار، وهذا يقارب 15 ألف مليار ليرة، وليس 1800 مليار ليرة كما جاء في المشروع. لذلك، فإنه لا بديل سوى بموافقة مصرف لبنان على تحويل هذا المبلغ إلى الدولار وفق السعر الرسمي، إلا إذا كان البديل تحويل البطاقة إلى الليرة، مع ما يعنيه ذلك من إمكانية الوصول إلى حالة التضخم المفرط.

لكن المشكلة التي لا تزال الحكومة تسعى إلى حلها، هي مشكلة تحديد الأسر التي يحق لها الاستفادة من البطاقة. فحتى لو أقرت البطاقة ووجد التمويل لها، ليس واضحاً كيف سيتم تحديد الأسر الـ 750 ألفاً المستهدفة بالبطاقة. وبالرغم من عدم وجود إحصاء دقيق لعدد الأسر اللبنانية، إلا أنه يرجح أن تغطي البطاقة نحو 75 في المئة من الأسر. لذلك، سبق أن اقترح سلامة، بدلاً من وضع معايير للأسر المستحقة تحتاج إلى وقت طويل لتحضير لوائح بها، أن تكون البطاقة حقاً لكل اللبنانيين، مع افتراض عدم تقدم نحو 20 إلى 25 في المئة منهم للحصول عليها. إلا أن اللجنة الوزارية لم تسر بهذا الاقتراح، بل سعت إلى وضع معايير للأسر المستحقة وتلك التي لا تستحق.

مسودة الاستمارة التي وضعت لتحديد مستحقي البطاقة تصلح للتطبيق على برامج إعالة الأسر الأكثر فقراً، وليس لاستبدال دعم المواد الأساسية ببطاقة يفترض أن تعوض هذا الدعم. ولذلك، تضمّنت المسودة عوامل تسقط حق الحصول على البطاقة المسماة «معك» وتطلب من كل من تنطبق عليه المواصفات التالية عدم ملئها:
– إذا كنت ميسوراً وبإمكانك تغطية النفقات الأساسية لعائلتك.
– إذا كان لدى عائلتك أفراد يعملون خارج لبنان.
– إذا كان معدّل دخل الفرد في العائلة يفوق المليوني ليرة.
– إذا كان مجموع الأموال في الحسابات المصرفية للعائلة يفوق 100 مليون ليرة.
– إذا كان عدد السيارات للعائلة الواحدة يفوق السيارة الواحدة.
ومن اللافت أن الاستمارة تطلب أيضاً معرفة عدد الرحلات الخارجية خلال 2020، بالإضافة إلى تفاصيل تتعلق بعدد غرف المنزل وحتى عدد الحمامات ونوع الضمان الصحي ودرجة التحصيل العلمي.

حتى اليوم، لم يحصل أي تطور. وحتى لو استعين بالاستمارة المعدلة من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية، فإن إنجاز لوائح المستفيدين سيحتاج إلى أشهر طويلة، وربما إلى سنوات، لإنجازها. فهي أقرب إلى سجل اجتماعي، وليس فقط لوائح مستفيدين من بطاقة دعم. يكفي معرفة أن الوزارة نفسها لا تزال حتى اليوم غير قادرة على حسم عدد الأسر الأكثر فقراً، والذي لا يزيد على 50 ألف أسرة، كما لم تحسم لائحة المستفيدين من قرض البنك الدولي (شبكة الأمان الاجتماعي)، والتي تستهدف 161 ألف أسرة.

مصدرجريدة الأخبار - إيلي الفرزلي
المادة السابقةهل سيحصل المودعون على 25000$ نهاية حزيران؟
المقالة القادمةالمصارف «تتباهى» بخسائرها: الهروب من كلفة الانهيار