تراجع الدولار غير المبني على الأرقام لا يُعَوَّل عليه

المسار التراجعي الذي سلكه الدولار مع تكليف الرئيس سعد الحريري في تشرين الأول من العام الماضي “ماشياً”، يعود اليه اليوم “مهرولاً”. والفرق بين التجربتين كبير. فالحكومة الحالية “عقدت” وانجزت بيانها الوزاري سريعاً من بعد ما “أزهرت” تكليفاً قبل نحو شهر ونصف الشهر. وشاء القدر تلقيها “هدية” بقيمة 1.135 مليار دولار من صندوق النقد الدولي. مما سمح بأوسع حملة تسويق إيجابية عن المرحلة المقبلة، عكستها المنصات سريعاً بتخفيض سعر الصرف، لتتكفل هجمة “المكتنزين” على بيع ما بحوزتهم أو جزء منه بالباقي. من دون أن يعني ذلك في المقابل بيع الصرافين لما بحوزتهم من دولارات مجمّعة. ما يعكس حالة عدم اليقين واحتمال ارتفاع سعر الصرف بوتيرة سريعة مجدداً، وفي أمد ليس ببعيد.

في الوقت الذي يرى فيه الخبير الاقتصادي د. بيار الخوري أن “التوقعات الإيجابية بدون خطط واستراتيجيات ملموسة تحمل مخاطرة عالية لمن يستند حصراً لها في إدارة ثروته صغيرة كانت أم كبيرة”، تُظهر توقعات المرحلة المقبلة وجود أكثر من عنصر سيكون اعلى سعر الصرف ومنها:

– حتمية رفع أجور الموظفين وهذا ما أكد عليه وزير المال السابق غازي وزني من خلال رصد زيادة على الأجور بنسبة 50 في المئة في موازنة 2022، ورفع بدل النقل من 24 ألف ليرة إلى 64 ألفاً.

– حتمية تسديد الدولة لديونها بالعملتين الأجنبية واللبنانية.

– إستمرار العجز في ميزان المدفوعات حتى لو تقلص بالنسبة إلى السنوات الماضية وتحديداً العام 2020 عندما فاق 10.5 مليارات دولار.

– وجوب رفع الدعم وتحول التجار إلى طلب الدولار من الأسواق.

– الاحتمال المرتفع لتسديد البطاقة التمويلية بالليرة وبحسب سعر منصة صيرفة التي ستصبح قريبة من سعر السوق.

هذه العوامل مجتمعة ستزيد الطلب على الدولار في المرحلة القادمة وسنشهد نوعاً آخر من العجز سيتسبب باستمرار تدهور سعر الصرف؛ هذا إن قامت الحكومة بالاصلاحات المطلوبة ولم تخيب آمال المجتمع المحلي والدولي كما حدث مع الحكومة السابقة.

في غضون أقل من 10 أيام انخفض الدولار بنسبة 68 في المئة متراجعاً من حدود 20 ألف ليرة إلى 13600 ليرة. أمر إن دل على أن الانخفاض غير المبني على الأرقام عادة ما يكون وهمياً وسرعان ما تزول آثاره عند أول تطور سلبي، سيؤدي حتماً إلى انخفاض مختلف الاسعار وتحديداً المحروقات ويجعل تقبلها ممكناً من قبل المستهلكين بعد رفع الدعم. كما أنه قد يؤدي إلى عدم تعديل مصرف لبنان لسقف السحوبات من الودائع بالدولار بناء على التعميم 151، والابقاء على سعر 3900 ليرة بحجة أن سعر السوق الموازية ينخفض.

 

مصدرنداء الوطن - خالد أبو شقرا
المادة السابقةبيان وزاري بأسعار صرف متعدّدة: متى تصبح «إعادة الهيكلة» مقبولة؟
المقالة القادمةوزير الطاقة محكوم بـ”مقصلة”: في كهرباء… أو ما في؟