تزايد الأخطار ينشر التشاؤم بأسواق المال في الشرق الأوسط

يتابع المحللون عن كثب هذه الفترة تأثيرات ما يحصل من تغييرات عميقة للاقتصاد العالمي على أسواق المال في الشرق الأوسط والأسواق الناشئة، والتي قد تترك وراءها المزيد من التقهقر فيما تبقى من هذا العام.

وفي مؤشر جديد على ذلك تراجعت معظم أسواق الأسهم في الخليج الأربعاء مقتفية أثر أسعار النفط بالتوازي مع المخاوف المرتبطة بالتضخم واحتمال حدوث ركود رغم أن الشركة العالمية القابضة ساعدت أبوظبي على السير عكس التيار وافتتاح التداول على ارتفاع.

وفي المجمل انخفض مؤشر “أم.أس.سي.آي” لدول الخليج بنسبة 13 في المئة هذا الربع، مسجلا أسوأ أداء له في ثلاثة أشهر منذ مارس 2020.

وتخلت المعايير الإقليمية بما في ذلك تلك الموجودة في السعودية والإمارات عن معظم مكاسبها السنوية وقد تم تعيين المقياس لاقتناص سلسلة من منح المستثمرين عوائد إيجابية كل ثلاثة أشهر منذ بداية الوباء.

ونسبت وكالة بلومبرغ إلى نعمان خالد المدير المساعد للمؤشرات والاقتصاد الكلي والاستراتيجية في أرقام كابيتال قوله “قد يكون هناك المزيد من الألم لأسواق الخليج من المستويات الحالية”. وأضاف أن “الافتقار إلى المحفزات الإيجابية سيترك الأسهم في المنطقة معرضة لنقاط الضعف العالمية”.

وكان المستثمرون ينظرون إلى دول الخليج على أنها ملاذ آمن خلال العام الماضي مع ارتفاع أسعار النفط وصعود أسعار الفائدة، مما يستفيد من المعايير التي لها وزن كبير بشكل عام في أسهم البنوك والطاقة.

ولكن الأسهم الإقليمية تخلت عن معظم مكاسبها السنوية في الأسابيع الأخيرة حيث توترت المعنويات بسبب احتمالية حدوث ركود في الولايات المتحدة ومع بدء أسعار النفط الخام في التراجع عن القمم الأخيرة.

وتتجه الأسهم السعودية، التي شهدت في وقت سابق من هذا العام أعلى تدفقات أجنبية منذ عام 2019 وأصبحت واحدة من أكبر خمسة أسواق في العالم من حيث القيمة، نحو أسوأ ربع لها منذ عامين وشهدت تدفقات خارجية صافية خلال الأسابيع الثلاثة الماضية.

وتفوقت أرامكو، صاحبة الوزن الأثقل على مؤشر تداول العام القياسي، على شركة أبل باعتبارها الشركة الأكثر قيمة في العالم مرة أخرى هذا العام. وزادت قيمة عملاق النفط بنسبة 19 في المئة هذا العام إلى حوالي 2.3 تريليون دولار.

ويشعر سايمون كيتشن، رئيس الاستراتيجية في المجموعة المالية هيرميس، بأن الأسهم في الشرق الأوسط لديها مجال أكبر للانخفاض في النصف الثاني من هذا العام. وقال في تعليقات مكتوبة “لا تزال التقييمات أعلى بكثير من المتوسطات التاريخية ولم نشهد الكثير من التخفيضات في توقعات الأرباح حتى الآن”.

ويتم تداول مؤشر “أم.أس.سي.آي” المُجمّع لدول الخليج عند 15.2 ضعف الأرباح الآجلة، وهو أعلى من المتوسط البالغ 13.5 خلال العقد الماضي.

ووفقا لستيفان مونييه ، كبير مسؤولي الاستثمار في بنك لومبارد، فإن الأسهم الخليجية الممتازة للأسواق الناشئة “لها ما يبررها على الأقل لمدة عامين أو ثلاثة أعوام مقبلة”. ورجح أن تستمر الأسهم الإقليمية في الأداء الجيد في حالة حدوث ركود معتدل في الولايات المتحدة، رغم أنها ستثقل كاهلها في حالة السيناريو الاقتصادي الأكثر كآبة.

وفي ضوء قلق المستثمرين مما يحدث في العالم، يتوقع أن تتجه أسهم الأسواق الناشئة نحو تسجيل أسوأ أداء خلال النصف الأول من العام الجاري منذ 24 عاما.

ونزل مؤشر مورغان ستانلي للأسواق الناشئة ما يناهز 17 في المئة منذ بداية العام الجاري حتى الاثنين الماضي، وهو ثاني أكبر هبوط لهذه الفترة في البيانات التي تعود إلى 1993.

وانزلق المؤشر أكثر من 20 في المئة خلال الأشهر الستة الأولى من 1998 عندما قلبت الأزمة المالية الآسيوية الأسواق رأسا على عقب، وبعد أشهر قليلة، تعثرت روسيا في سداد ديونها المحلية.

وثمة مخاوف محيطة بأصول الدول النامية كأن تؤدي الزيادات القوية في أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) لكبح التضخم في السوق الأميركية إلى دفع أكبر اقتصاد في العالم إلى ركود. ويرى خبراء أن من شأن ذلك أن يبث الكآبة في الأسواق الناشئة.

وذكرت موديز في وقت سابق هذا الأسبوع أن روسيا تعثرت في سداد ديونها السيادية المقومة بالعملات الأجنبية لأول مرة منذ قرن، رغم أن موسكو نفت ذلك، وما تزال الصين تسحب قيودها الصارمة المرتبطة بكوفيد – 19.

ويقول حسنين مالك الخبير الاستراتيجي بشركة تيليمر ومقرها دبي إن الفائدة الأميركية الأعلى مع دولار أقوى وأسعار الوقود والغذاء المرتفعة كانت بمثابة “مزيج سام للأجزاء الفقيرة والمديونة من الأسواق الناشئة”. وأضاف “مع ذلك فإن معظم هذه الخطورة انعكست بالفعل على أسعار الأسواق المتأثرة”.

وتراجع مؤشر مورغان ستنالي للأسواق الناشئة خلال الأرباع الأربعة الماضية في أطول سلسلة خسائر منذ العام 2008، ويتم تداوله الآن عند قرابة 11.9 مرة من الأرباح المقدرة، ويحوم حول أدنى تقييم له منذ مارس 2020 عندما تفشت الجائحة.

وقالت ماريجا فيتمان، كبيرة المحللين الاستراتيجيين في ستيت ستريت غلوبال ماركتس، إنَه “رغم التقييمات الأرخص فإن الرياح غير المواتية مستمرة”.

وأوضحت أن الأوضاع المالية العالمية تتشدد، مما “يسحب السيولة من الأسواق المالية، ويقلل من احتمالية محاولة المستثمرين إيجاد صفقات في الأسواق الناشئة المحفوفة بالمخاطر”.

ولدى ستيت ستريت قلق بالغ حيال توقعات أرباح الشركات في البلدان النامية بالنظر إلى خطر الركود الناجم عن رفع البنوك المركزية لأسعار الفائدة.

ويتوقع ليوناردو بيلانديني، استراتيجي الأسهم في بنك يوليوس باير استمرار البيئة الصعبة لأسهم الأسواق الناشئة في النصف الثاني من 2022. وأشار إلى أنه من المهم التركيز على درجة أعلى من الانتقائية عند الاستثمار في هذه الأسواق.

وكان جي.بي مورغان تشيس آند كو أكثر تفاؤلا، ويتوقَع خبراؤه الاستراتيجيون بقيادة ماركو كولانوفيتش أن يتفوق أداء أسهم الأسواق الناشئة على أقرانها في الدول المتقدمة خلال النصف الثاني.

ورجحوا أن يرتفع مؤشر مورغان ستانلي للأسواق الناشئة بنسبة عشرين في المئة عن المستويات الحالية بحلول نهاية العام.

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةالقطاع المالي وأنظمة المدفوعات أمام حتمية مواكبة طفرة ميتافيرس
المقالة القادمةالنفط يواصل بثبات جني مكاسب ضبابية زيادة الإنتاج