تقنية تكسير جديدة قد تضاعف إنتاج النفط الصخري

أعادت ثورة النفط الصخري في الولايات المتحدة تشكيل أسواق الطاقة العالمية، لاسيما وأن أحدث التخفيضات التي أقرها تحالف أوبك+ هذا الأسبوع اعتبرها محللون مدعاة للتفاؤل بالنسبة لمنتجي القطاع خاصة على مستوى الأسعار.

وكانت طفرة الصخر الزيتي واحدة من أكثر قصص النمو المدهشة، منذ انطلاقها في 2008 إلى سرقة حوض بيرميان صفة أكبر حقل نفط منتج في العالم من حقل الغَوَّار في السعودية قبل حوالي عشر سنوات.

وقدرت رويترز أن إنتاج الولايات المتحدة من البترول يزيد بما لا يقل عن 10 و11 مليون برميل يوميا عما كان يمكن أن يكون دون الحفر الأفقي والتكسير الهيدروليكي.

ويرى أليكس كيماني، الكاتب المالي المخضرم في منصة “أويل برايس” الأميركية، أن لسوء الحظ، تكافح رقعة الصخر الزيتي مؤخرا لزيادة الإنتاج بسبب سلسلة من التحديات، بما في ذلك ضغوط المستثمرين لزيادة العائدات ومحدودية المعدات والعمال ونقص رأس المال.

لكن شركة إكسون موبيل العملاقة تراهن الآن على أن منتجي النفط الصخري يمكنهم مضاعفة إنتاج النفط الخام من آبارهم الحالية من خلال استخدام تقنية تكسير جديدة.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة إكسون دارين وودز الخميس الماضي في مؤتمر بيرنشتاين للقرارات الإستراتيجية “يوجد الكثير من النفط المتبقي في الأرض. كان التكسير الهيدروليكي موجودا منذ فترة طويلة حقا، ولكن علمه غير مفهوم بشكل جيد”.

وكشف وودز أن إكسون تعمل حاليا على مجالين محددين لتحسين التكسير الهيدروليكي. وتحاول الشركة أولا التكسير بدقة أكبر على طول البئر حتى تشمل العملية المزيد من الصخور النفطية.

وأوضح أن أكسون تبحث كذلك عن طرق لإبقاء الشقوق مفتوحة لفترة أطول لتعزيز تدفق النفط.

إعادة تنشيط الصخر الزيتي

زادت الولايات المتحدة إنتاجها من النفط والغاز بأكثر من المثل على مدار الأعوام الخمسة عشر الماضية، ويرجع ذلك في الغالب إلى تطوير حقول النفط الصخري.

ومع ذلك تراجع إنتاج هذا القطاع خلال الجائحة ووضعت البنوك قيودا على التمويل، ولكنه تعافى بعد ذلك وسجلت صادرات الخام الأميركي مستويات قياسية حتى جاءت الحرب في أوكرانيا التي جعلت الشركات في مأزق.

ولحسن الحظ، لن تضطر الآبار الأميركية إلى انتظار إتقان إكسون لتقنياتها الجديدة. وتوجد بالفعل تقنية مثبتة للعودة إلى الآبار الحالية وتنظيم تكسير ثان عالي الضغط لزيادة الإنتاج.

ويعدّ التكسير عملية مصممة لإعادة تنشيط البئر بعد فترة أولية من الإنتاج، ويمكن أن يعيد الإنتاجية إلى معدلاتها الأصلية بالإضافة إلى إطالة فترة إنتاج البئر.

ويمكن أن تكون إعادة التكسير جرعة معززة للمنتجين بمنحهم زيادة سريعة في الإنتاج مقابل جزء بسيط من تكلفة تطوير بئر جديدة.

ويقول كيماني إن التكسير رغم أنه ليس سائدا، إلا أن هذه التكنولوجيا تشهد اعتمادا أعلى مع تحسن تقنية الحفر، وتقادم حقول النفط بما يؤدي إلى تآكل الإنتاج، ومحاولة الشركات تحقيق المزيد بموارد أقل.

ووفقا لتقرير نُشر في مجلة بتروليوم تكنولوجي، يُظهر بحث جديد من حقل إيغل فورد في جنوب تكساس أن الآبار المنكسرة بهذه التقنية تستطيع التفوق على الآبار الجديدة رغم استفادتها من تصاميم أكثر حداثة.

ويقدّر التقرير كذلك أن حقل باكن الصخري بولاية داكوتا الشمالية يمتد على حوالي 400 بئر مفتوحة قادرة على توليد ما يزيد عن ملياري دولار إذا نجح تكسيرها.

ويبقى هذا التقدير قائما على كون أسعار النفط عند 60 دولارا للبرميل مقابل متوسط سعر النفط هذا العام البالغ 90 دولارا للبرميل.

ووفقا لكبير مسؤولي التشغيل في شركة الخدمات ريس فراك غاريت فاولر، يمكن أن تكون التقنية أرخص بنسبة تصل إلى 40 في المئة من البئر الجديدة وتدفق النفط مرتين أو ثلاثة من الآبار القديمة.

مراحل العملية

يقول فاولر إن أكثر الطرق شيوعا تشمل وضع بطانة فولاذية داخل تجويف البئر الأصلي ثم تفجير الثقوب عبر الغلاف الفولاذي للوصول إلى الخزان. وتستخدم هذه العملية عادة نصف كمية الصلب ورمال التكسير مقارنة بالآبار الجديدة.

وتعدّ العملية منطقية في البيئة التضخمية الحالية. ففي شهر أبريل، كشفت شركة كالون للبترول المنتجة للصخر الزيتي في تكساس أن رمال التكسير وأنابيب الحفر وتكاليف العمالة زادت من تكاليف الإنتاج بنسبة 20 في المئة تقريبا على أساس سنوي.

واضطرت شركة كالون ومؤسسة هس اللتان تحفران في حقل باكن الصخري إلى زيادة ميزانيات الإنفاق الرأسمالي على التكاليف.

وأضافت كالون حوالي 75 مليون دولار إلى ميزانيتها الأصلية بينما شهدت مؤسسة هس زيادة بقيمة 200 مليون دولار في إنفاقها.

وقال ستيفن إنغرام، نائب الرئيس الإقليمي في شركة هاليبرتون للتكسير الهيدروليكي، “ستسمح تقنيات مثل إعادة التكسير للصناعة بمواصلة استخراج النفط والغاز من هذه المكامن”.

وتكمن فائدة رئيسية أخرى في عدم تطلب عمليات إعادة التكسير تصاريح إضافية من الدولة أو مفاوضات جديدة مع مالكي الأراضي، كما أنها أقل إزعاجا للبيئة.

وقال مات جونسون، الرئيس التنفيذي لشركة استشارات الطاقة برايماري فيجين نتوورك، لرويترز “بالنظر إلى التضخم وقضايا سلسلة التوريد وارتفاع الأجور، يعد هذا وقتا رائعا لبدء البحث عن فرص إعادة التكسير”.

وكانت لإعادة التكسير أيضا معدلات استرداد أعلى. وخلال فعاليات مؤتمر تكنولوجيا الموارد غير التقليدية، شارك الرئيس التنفيذي لشركة خدمة الطاقة المتكاملة روبرت باربا دراسة حالة من حقل إيغل فورد في جنوب تكساس.

وحققت الآبار التي شملتها إعادة التكسير متوسط استرداد نهائي قدره 13.2 في المئة مقارنة بمتوسط أولي قدره 7.4 في المئة سجّلته سبعة آبار جديدة ذات تصميمات حديثة.

ويقول مؤلفو التقرير إن على الرغم من مزايا التصميمات الحديثة المفترضة، يمكن أن تزيد إعادة التكسير من حجم الخزان المحفز “بما يتجاوز ما يمكن تحقيقه في بئر جديدة”.

ويرجع هذا إلى حقيقة أنه مع استنفاد الخزان وانخفاض ضغط المسام، تميل الكسور الجديدة إلى التحرك في اتجاه جديد والاستفادة من أجزاء لم يكن الوصول إليها ممكنا.

سوق متخصص

مع هذه الفوائد البارزة، من المدهش أن تظل إعادة التكسير تقنية هامشية في قطاع الصخر الزيتي في الولايات المتحدة.

وقدرت شركة استشارات الطاقة النرويجية ريستاد إنرجي أن من بين جميع عمليات التحفيز الأفقية للآبار في الولايات المتحدة خلال شهر سبتمبر 2022، لم تشمل إعادة التكسير سوى 200 عملية تحفيز من إجمالي 8900، أي ما يزيد قليلا عن اثنين في المئة.

وكان معظمها في حوض بيرميان الممتد بين تكساس ونيو مكسيكو وتضمنت الآبار التي حُفرت قبل عام 2018.

وتقدر ريستاد أن العدد سيرتفع إلى حوالي 400 بحلول نهاية العام، أو ما يزيد قليلا عن 3 في المئة من إجمالي العمليات بما يمكن مقارنته بمجموع العام الماضي الذي بلغ 409.

وقال جاستن مايورغا، كبير محللي أبحاث النفط الصخري في شركة ريستاد، لمجلة بتروليوم تكنولوجي “إنه سوق متخصص للغاية”.

ومن المحتمل أن تواصل الشركات التي جربت إعادة التكسير اعتماد هذه العملية، لكن مايورغا لا يعتقد أن أعداد معتمدي العملية سيرتفع كثيرا العام المقبل. وقال “أرى نشاطا مستقرا مشابها جدا لما بين 2 – 3 في المئة من إجمالي عمليات هذا العام”.

وتقول ريستاد إن العديد من منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة يعتمدون العملية لحماية إنتاج الآبار الجديدة بدلا من زيادة إنتاج الآبار القديمة.

ولا يرجع هذا لنقص الفرص، حيث يقدر الرئيس التنفيذي لشركة مورف باكرز المختصة في معدات حقول النفط ألفريدو سانشيز كون عشرات الآلاف من الآبار في حوض بيرميان وحده مناسبة لتقنية إعادة التكسير.

ويبقى روبرت باربا متفائلا بأن رقعة الصخر الزيتي في الولايات المتحدة ستتحول إلى اعتماد أعلى لإعادة التكسير في المستقبل غير البعيد لفوائد هذه التقنية المتعددة.

Thumbnail
مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةبرامج توفير الطاقة المستدامة عالميا تنحرف عن مسارها
المقالة القادمةالبنك الدولي غير متفائل باتجاه نمو الاقتصاد العربي في 2023