توقيف مقالع وكسارات البترون: لا محاسبة ولا من يحاسبون!

انتهى التحقيق في قضية تشويه المقالع والكسارات لمنطقة وادي نهر الجوز في البترون بـ«وقف الأعمال نهائياً»، كما يؤكد النائب العام البيئي في الشمال غسان باسيل. وهي خطوة إيجابية، لكن تنقصها محاسبة المخالفين، وتنظيم «بدعة» الأذونات التي تمنحها وزارة الداخلية لنقل «الستوكات» القديمة، والتي استخدمها أصحاب شركات الترابة للتحايل على القانون، والتوسّع في أعمال الحفر، علماً أن «الداخلية» تنفي منح أيّ أذونات في المنطقة!

فبعد اطلاع وزارة البيئة على ملف إقامة مقالع في موقعَي بشتودار عورا وداعل القريبين من وادي الجوز المصنف موقعاً طبيعياً منذ عام 1998، «تبين عدم وجود موافقة حديثة صادرة عن المجلس الأعلى للمقالع والكسارات، ولا عن أيٍّ من وزارات البيئة والداخلية والبلديات والزراعة، فطلبنا من المدّعي العام وقفها»، كما يقول وزير البيئة ناصر ياسين، فيما أكّد باسيل لـ«الأخبار» أنّ «الأعمال توقفت بالكامل في المنطقة». لكنه لفت إلى «حقيقة مؤلمة»، وهي أن «التشويه بدأ منذ سنوات طويلة في المنطقة التي تضم مستثمرين كثراً في مقالع وكسارات». ولم يُجب عن الإجراءات التي اتُخذت بحق المخالفين بسبب «سرية التحقيقات»، مشيراً إلى أنه «جرى استدعاؤهم، وأبرز بعضهم رخصاً تسمح بنقل ستوكات قديمة، أما من يستثمر في كسارة فنلاحقه ولن نتهاون معه».

ومنذ بدء التحقيق، تبلّغ ياسين من القوى الأمنية والقائمقام، أن عدداً من المستثمرين يحملون رخص نقل ستوكات قديمة تأذن بها وزارة الداخلية «من دون أن تمرّ بوزارة البيئة»، وتهدف إلى تنظيم عمليات نقل الناتج من المقالع والكسارات وضبطه. لكن الناشط البيئي بول أبي راشد يُدرج هذه الأذونات في إطار «التنفيعات والتحايل على القانون. ففي غياب الرقابة، من يضمن ألا تستمر الشركات باستخراج مواد جديدة، أو أن لا تقوم بأعمال تفجير داخل العقار»، علماً أن مصادر في وزارة الداخلية تؤكد أنه «لم يتبين وجود أي مستند في الإدارة بهذا الخصوص في منطقتَي داعل وبشتودار عورا»، فكيف ظهرت «براءة» أعمال الحفر في المنطقتين، ما لم تُراجع وزارة الداخلية، ومن أين أتى المخالفون بهذه «التراخيص»؟ وبعيداً عن أنّ «الطاسة ضايعة» في هذا الملف، من شرعن هذه الأُذونات أصلاً؟ وهل هي مفتوحة الأمد؟ وكيف يُسمح بنقل ناتج جرى استخراجه بصورة مخالفة للقوانين؟ ومن يضمن مراعاة المعايير البيئية ما دام لا صلاحية لوزارة البيئة بإبداء الرأي فيها؟ والأهم من ذلك كله، من يضمن أن يتقيّد الحائزون عليها بنقل الناتج من دون التوسع؟

وفق مصادر الداخلية، تستند الوزارة إلى قرار صدر عن مجلس الوزراء في آب الماضي، يسمح بنقل وتصريف الناتج الموجود في العقارات العائدة لشركات الترابة التي سبق أن استحصل أصحابها على موافقات سابقة بموجب القرارات المشتركة الصادرة عن وزيري الصناعة والبيئة لمدة ثلاثة أشهر من تاريخ صدور هذا القرار. بمعنى الآخر، تنتهي صلاحية هذا القرار في 11 من الشهر المقبل، وهو لا يسمح بأي أعمال استخراج أو تفجير لأية مواد جديدة، وفقاً لشروط تحددها وزارة الداخلية والبلديات. بناءً عليه، أصدرت «الداخلية» التعميم 11755 في 18 آب الماضي لأصحاب شركات الترابة الذين يملكون ستوكات وينوون نقلها إلى المعامل التقدم بطلب نقلها. واقتصر ضمان تطبيق الشروط بتعهد صاحب الشركة عدم إدخال كسّارة متنقلة أو استخراج مواد جديدة والتقيد بالشروط البيئية والمهلة الزمنية التي تحددها الوزارة للنقل.

الجدير بالذكر أنّ هذه الأذونات تُعطى للحائزين على رخصة كسارة أو مقلع أساساً، لكن ذلك لن يحصل في منطقة مصنّفة موقعاً طبيعياً يُمنع فيها استثمار مقالع الصخور للكسارات والردميات ومحافر البحص المفتّت طبيعياً والمقالع لصناعة الترابة فيه، بموجب مرسوم «تنظيم المقالع والكسارات». هذا يعني أنّ المستثمرين الكثر الذين تحدث عنهم باسيل مخالفون جميعهم. وفيما توقفت الأعمال في المنطقة، كما أعلن، من يضمن عدم تكرارها بغياب أي عقوبة رادعة؟

مصدرجريدة الأخبار - زينب حمود
المادة السابقةمن اصل1.140مليار دولار لم يبق سوى ٤٩مليون دولار من حقوق السحب
المقالة القادمةالسيّاح الأوروبيون بين الدهشة والإرباك