خطط الصين لتنظيف صناعتها تربك أسواق الحديد عالميا

أدت تحركات الصين لتنظيف قطاعها الصناعي الملوث بشدة إلى تراجع مفاجئ في أسعار خام الحديد بمقدار مئة دولار ما ألقى بظلال قاتمة على الشركات العالمية المنتجة التي فقدت أسهمها أجزاء من قيمتها في البورصات.

ويعد هذا الانحدار هو أكثر من النصف منذ أن بلغت ذروتها التي تحققت في شهر مايو الماضي، مع تكثيف أكبر شركة لتصنيع الصلب في العالم من قيود الإنتاج لتلبية أهدافها بخفض الكميات هذا العام، بينما أضر التراجع الحاد في قطاع العقارات في الصين بالطلب. ويجعل الركود الحالي خام الحديد إحدى السلع الأساسية الأسوأ أداء والمغايرة للطفرة الأوسع نطاقاً التي شهدتها أسعار الألومنيوم مؤخرا والتي بلغت مستوى هو الأعلى في 13 عاما، كما قفزت أسعار الغاز، وارتفعت العقود الآجلة للفحم إلى مستويات غير مسبوقة.

ويقول محللون إن التراجع إلى رقم من خانتين لأول مرة منذ يوليو الماضي من العام الماضي سيكون أمراً مريحاً لمنتجي الصلب، لكنه سيكون ضربة لكبار شركات التعدين في العالم الذين تمتعوا بأرباح وفيرة خلال مسيرة النصف الأول من العام الجاري.

واعتبرت وكالة بلومبرغ هذه الأخبار سيئة لأكبر منتج للحديد في أستراليا إذ يمثل الخام الرئيسي لصناعة الصلب حوالي 40 في المئة من صادرات السلع في البلاد، بينما تراجعت العقود الآجلة لخام الحديد بأكثر من 20 في المئة الأسبوع الماضي وجرى تداولها عند 99.55 دولار للطن.

ويعدّ التحوّل الحالي صارخاً، مقارنة بما حدث في النصف الأول من العام الحالي، عندما كثف مصنعو الصلب الإنتاج، ودعم التفاؤل الاقتصادي والتحفيز المالي الاستهلاك. وتعثر الارتفاع بعد ذلك عقب قيام الصين باتخاذ إجراءات صارمة ضد ارتفاع أسعار السلع الأساسية وتزايد التراجع مع تنفيذ السلطات لمزيد من الإجراءات لخفض إنتاج الصلب وتعرض قطاعات المستخدمين النهائيين مثل العقارات للضعف.

وشهد خام الحديد قفزة بعد التقلب إلى أعلى مستوياتها في خمس سنوات مع تفاقم الهبوط، وقالت شركة يو.بي.أس غروب إن التراجع حدث بطريقة أسرع من المتوقع وقد ارتفعت المخزونات في الموانئ بنسبة 10 في المئة مقارنة بالعام السابق. وتتزامن التوقعات بتراجع الطلب الصيني على نحو أكبر مع توقعات ارتفاع الإمدادات العالمية، حيث ترجح يو.بي.أس أن متوسط الأسعار ستكون عند 89 دولارا للطن في العام المقبل، أي بانخفاض بنسبة 12 في المئة عن توقعاته السابقة.

ويرى خبراء شركة سيتي غروب أن الأمر يبدو مختلفاً بالنسبة إلى الصلب، حيث ظلت الأسعار مرتفعة، بينما لا تزال السوق شحيحة الإمدادات، بعدما تجاوزت تخفيضات الإنتاج في الصين على نحو كبير الطلب المتراجع. ويقترب سعر عقود حديد التسليح في السوق الفورية من أعلى مستوى له منذ شهر مايو الماضي، وإن كانت أقل بنسبة 12 في المئة من أعلى مستوى في ذلك الشهر، وتقلصت المخزونات على مستوى البلاد لمدة ثمانية أسابيع.

وكانت بكين قد حثت مراراً على خفض إنتاجها هذا العام للحدّ من انبعاثات الكربون، وفي الوقت الحالي، تلوح قيود الشتاء في الأفق لضمان سماء زرقاء صافية لدورة الألعاب الأولمبية الشتوية. ودخلت الإجراءات حيز التنفيذ، حيث انخفض الإنتاج إلى أدنى مستوى له في 17 شهراً في أغسطس الماضي وتراجع مطلع سبتمبر الجاري.

وقالت شركة تشاينا إنترناشيونال كابيتال إنه يفترض أن تتقلص أحجام الإنتاج بنسبة 8.7 في المئة على أساس سنوي في الأشهر الأربعة الأخيرة من العام الجاري لتحقيق إنتاج سنوي ثابت. وشهد منتجو خام الحديد الكبار مثل ريو تينتو وبي.أتش.بي وفالي أي.أي وفورتسكو ميلتز غروب هبوطا في قيمة أسهم شركاتهم. ومن المرجح أن يؤثر انخفاض الأسعار على الأرباح التي ارتفعت جنباً إلى جنب مع الطفرة السابقة في الأسعار.

ويبقى أكبر المنتجين قادرين على تحمل الأسعار المنخفضة حيث يمكن أن تكون تكاليف إنتاجهم أقل من 20 دولاراً للطن، لكن شركات التعدين الأصغر ستتضرر أكثر. ويميل هؤلاء المشغلون إلى استئناف الإنتاج أو تكثيفه عندما يرتفع السوق بقوة، وتجعلهم العمليات المرتبطة بنقل الخام بالشاحنات من المناجم إلى الموانئ أكثر حساسية لتغيرات الأسعار.

ووفقا لبلومبرغ إيكونوميكس تلقى اقتصاد أستراليا الدعم خلال فترة تفشي الوباء من خلال ارتفاع عائدات تصدير خام الحديد، لكن نمو البلاد يتعرض لضغوط متزايدة من عمليات الإغلاق في أكبر مدينتين. ويقابل كل انخفاض بقيمة 10 دولارات في سعر خام الحديد تأثرا ماليا تراوح قدره بين 2.2 و2.65 مليار دولار. وبالنسبة إلى الصين، جاء ركود خام الحديد في الوقت الذي تكافح فيه السلطات لوقف ارتفاع تكاليف المواد الخام التي أثارت مخاوف من أن يؤدي ارتفاع التضخم إلى تقليص النمو

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةمعهد التمويل: الحكومة قد تفشل في الاصلاحات بسبب السياسة
المقالة القادمةالاستثمارات الخليجية في جولة تنافس جديدة لدخول السوق المصرية