دوكان إلى بيروت: أين الإصلاحات؟

أما وقد ذهبت “سكْرة التكليف” وبقيت “دوْخة التأليف”… فإنّ استعصاء الولادة الحكومية لن يعفي المسؤولين من مسؤولياتهم أمام الداخل والخارج في إنجاز ما ينبغي إنجازه بخطوات متسارعة تسابق كرة الانهيار المتدحرجة على الأرضية المعيشية، لا سيما وأنها بلغت منزلقات خطرة باتت تلامس حدّ تجويع اللبنانيين ودفعهم إلى الاقتتال على “ربطة خبز” عند أبواب الأفران… وبالأمس حمّلت باريس القوى السياسية اللبنانية مسؤولية “استمرار تدهور الأوضاع المعيشية” في البلاد، مشددةً على أن وقف هذا التدهور مرهون بإسراعهم في “العمل لخدمة المصلحة العامة”.

وغداة إعادة تكليف رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي تأليف الحكومة الجديدة، حثت وزارة الخارجية الفرنسية ميقاتي على المبادرة “من دون تأخير” إلى تشكيل حكومة “تكون قادرة على تنفيذ الإجراءات الملحّة والإصلاحات الهيكلية اللازمة لتعافي البلاد وفق ما تم التفاوض عليه في نيسان الماضي مع صندوق النقد الدولي”. وكشفت مصادر ديبلوماسية لـ”نداء الوطن” أنّ الموفد الرئاسي الفرنسي المكلّف متابعة الملف اللبناني بيار دوكان يعتزم القيام بزيارة “قريبة” إلى بيروت لمواكبة الخطوات الحكومية المرتقبة في المرحلة المقبلة، مشيرةً إلى أنّ “الرسالة التي سيحملها معه إلى المسؤولين اللبنانيين يمكن اختصارها بالسؤال التالي: أين أصبح تنفيذ الإصلاحات المطلوب منكم إنجازها؟”.

وأوضحت المصادر أنّ “الاجتماعات الفرنسية – السعودية مستمرة بشكل دوري بعيداً عن الإعلام لمتابعة عملية توزيع المساعدات المخصصة في الصندوق المشترك بين البلدين للقطاعات التربوية والصحية والإنمائية والمنظمات غير الحكومية التي لا تبتغي الربح”، لافتةً إلى أنّ زيارة دوكان ستشكل مناسبة للإطلاع على مجريات الأمور على هذا الصعيد، لكنه في الأساس يهدف من وراء الزيارة إلى “رفع منسوب الضغط على المسؤولين اللبنانيين لدفعهم إلى الإقلاع عن المناورة والمراوحة والبدء عملياً بخطوات الإصلاح لكي يتمكن لبنان من نيل المساعدات من صندوق النقد الدولي، خصوصاً وأنّ الرئيس المكلف هو نفسه رئيس الحكومة التي وقعت الاتفاق المبدئي مع الصندوق وبالتالي فإنّه لا يوجد أي مبرّر لحصول أي تأخير في اتخاذ الخطوات التنفيذية المطلوبة بموجب هذا الإتفاق”.

وإذ أكدت أنّ السفيرة الفرنسية في لبنان آن غريو على تواصل مع ممثل صندوق النقد المعيّن حديثاً في بيروت فريديريكو ليما “وأبلغته دعم بلادها لمطالب الصندوق المراد من لبنان إنجازها ليحصل على الدعم”، كشفت المصادر أنّ “ليما نفسه عبّر صراحةً أمام المسؤولين اللبنانيين الذين التقاهم لدى وصوله للبدء بمهامه في لبنان عن ضرورة استعجال تنفيذ الإصلاحات بغية المضي قدماً في الاتفاق الموقع على مستوى الموظفين بين صندوق النقد والحكومة اللبنانية”.

ورداً على سؤال، جزمت المصادر الديبلوماسية بأنّ “الإرباك الداخلي الذي أصيب به الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون جراء نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة لم يؤثر على الأجندة المتصلة بسياسته الخارجية”، ونقلت عن المسؤولين في الإدارة الفرنسية تأكيدهم أن “ماكرون عازم على الدفع قدماً بكل ملفات بلاده الخارجية، ومن بينها الملف اللبناني حيث سيكمل المسيرة التي بدأها في لبنان من خلال تفعيل عمليات التنسيق التي يتولاها فريق المستشارين المكلف متابعة هذا الملف”.

وفي الغضون، يستعد الرئيس المكلف لتخطي حاجز استشارات التأليف غير الملزمة في مجلس النواب بعد غد الاثنين، تمهيداً لإعداد مسودته الحكومية الأولى والتوجه بها إلى قصر بعبدا نهاية الأسبوع المقبل وفق المعطيات المتواترة من الكواليس الحكومية، على أن ترتكز هذه المسودة على فكرة “إعادة ترميم حكومة تصريف الأعمال وإدخال بعض التعديلات الوزارية عليها بما يشمل عدداً من الأسماء والحقائب بموجب حصيلة المشاورات التي سيجريها ميقاتي مع القوى السياسية المعنية”.

مصدرنداء الوطن
المادة السابقةفي البقاع يشترون الخبز «عالرخيص» ويبيعونه «عالغالي»
المقالة القادمة“إيديولوجية الصمود” في قطاع النقل!