رفع “اللولار” من 8000 إلى 15000 ليرة: تذويب الودائع

قبل شهر وأيام قليلة من انتهاء صلاحية التعميم 151 (الخاضع للتمديد عدة مرات والمتعلّق بالإجراءات الإستثنائية للسحوبات النقدية)، عادت إلى الواجهة مسألة البحث برفع سعر دولار السحوبات لأكثر من 8000 ليرة. غير أن خلافات بين المصرفيين ومصرف لبنان حالت دون التوصل إلى رقم موحّد. حتى أن البعض منهم يعارضون تغيير سعر الـ8000 ليرة للدولار من حيث المبدأ. فتذويب أموال المودعين بـ”قضم” أكثر من 77 في المئة من قيمتها أمر مربح للمصارف.

إجحاف التعميم 151

منذ أكثر من عامين ونصف العام، عمد مصرف لبنان إلى وضع إجراءات وصفها حينها بـ”الاستثنائية” للسحوبات المصرفية، واستمرت لأعوام مع تجديد صلاحية التعميم 151 بشكل مستمر. ولم يكن التعميم 151 يوماً منصفاً للمودعين، رغم رفع سعر الدولار المعمول به بحسب التعميم أي الدولار المصرفي أو ما بات يُعرف لاحقاً بـ”اللولار” من 3200 ليرة إلى 3900 ليرة ثم إلى 8000 ليرة.

فالتعميم 151 لطالما كبّد المودعين خسائر تفوق 70 في المئة من قيمة ودائعهم الحقيقية، وهو اليوم يقتطع أكثر من 77 في المئة من السحوبات المصرفية، فيما لو احتسبنا سعر الدولار في السوق السوداء عند 35000 ليرة. إذ وصلت نسبة الاقتطاعات من الودائع بموجب التعميم المذكور في وقت سابق إلى أكثر من 80 في المئة حين وصل سعر دولار السوق السوداء إلى 40500 ليرة.

خلاف حول الدولار الجديد

يدور الخلاف القائم في جمعية المصارف بين مصرفيين وفيما بينهم ومصرف لبنان، على السعر المقترح اعتماده للسحوبات الدولارية إنفاذاً للتعميم 151 قبل انتهاء مدة صلاحيته، في 31 كانون الأول 2022.

يقترح البعض الإبقاء على سعر 8000 ليرة للدولار المصرفي، في حين يصرّ البعض الآخر على رفعه من 8000 ليرة إلى 12000 ليرة، لأسباب عديدة منها تراجع قيمة السحوبات المصرفية من قبل المودعين، ذلك لاتساع الفارق بين سعر الدولار المصرفي والدولار الحقيقي، وأملاً في تخفيف حدة الاحتقان بين المودعين، وفق ما يقول أحد المصرفيين في حديث إلى “المدن”. فمحاولات اقتحام المصارف تتكرّر بشكل شبه يومي، على الرغم من إغلاق الغالبية الساحقة من الفروع المصرفية أبوابها بشكل جزئي، والتشدد في عمليات المراقبة والتفتيش واستقبال الزبائن.

وبين سعر الـ8000 ليرة والـ12000 ليرة التي توافق عليها بعض المصارف يذهب مصرف لبنان إلى سعر مختلف هو 15000 ليرة للدولار المصرفي. وحسب المعلومات، فإن مصرف لبنان يتمسّك بهذا السعر ويتّجه إلى تعديل التعميم في الأيام المقبلة ورفع سعر السحوبات المصرفية من 8000 إلى 15000 ليرة، تماشياً مع محاولته توحيد بعض أسعار الدولار عند 15000 ليرة، على غرار أسعار الرسوم والضرائب التي سيبدأ العمل بها قريباً وفق سعر صرف 15000 ليرة. وتمهيداً لتوحيد أشمل لأسعار صرف الدولار في وقت لاحق بما يوازي سعر منصة صيرفة. لتصبح الأخيرة الضابط الوحيد لأسعار الصرف، وهو ما يتوجه إليه مصرف لبنان، حسب المصدر.

اقتطاع وليس رفع

أما تغيير سعر الدولار المصرفي للسحوبات من الودائع، فلا يُعد رفعاً لقيمته إنما تغييراً في قيمة الاقتطاعات من الودائع المصرفية. ومهما كان الرقم فإنه لن يفي الناس حقوقها، ولن يعيد لها ما اقتُطع من أموالها منذ سنوات وحتى اليوم.

وفي حال رفع سعر “اللولار” إلى 15000 ليرة، تتراجع نسبة الاقتطاعات من الودائع المصرفية من نحو 77 في المئة إلى نحو 43 في المئة. هذا في حال استمر سعر صرف الدولار في السوق السوداء عند مستوياته الحالية أي في محيط 35 ألف ليرة. وهو أمر بالغ الاستحالة. إذ من المرجّح أن يرتفع سعر الدولار في السوق السوداء تماشياً مع زيادة الكتلة النقدية بالليرة تنفيذاً للتعميم 151 في حال رفع قيمة “اللولار” إلى 15000 ليرة.

واستباقاً لإقرار رفع سعر الدولار المصرفي، بادر عموم التجار لاسيما تجار العملة منهم، إلى رفع أسعار الشيكات المصرفية التي يتاجرون بها، ويحرّرون من خلالها أموال مودعين باقتطاع يصل إلى نحو 85 في المئة من قيمة الوديعة.

وقد ارتفعت أسعار الشيكات المصرفية بنحو 5 إلى 10 في المئة في اليومين الماضيين. وارتفع سعر مبيع شيك بقيمة 1000 دولار مصرفي (لولار) على سبيل المثال، من 150 دولاراً إلى نحو 200 دولار أو 250 دولار. وليس هذا وحسب فإن عدد كبير من التجار توقفواً كلّياً عن بيع الشيكات المصرفية حتى المتشاركين منهم مع موظفين مصرفيين، بانتظار تعديل التعميم 151 وتحديد سعر الدولار المصرفي في المرحلة المقبلة.

ولا بد من التذكير بأن التعميم 151، وُضع منذ صدوره في خانة الإجراءات المرحلية، التي باتت لاحقاً رسمية، بفعل موافقة وتواطؤ السلطات النقدية والمالية والسياسية على استمرارها بمعزل عن اي إصلاحات أو محاولات لحماية أموال المودعين.

مصدرالمدن - عزة الحاج حسن
المادة السابقةفياض: اعادة احياء مشروع سد بسري والتفاوض مع البنك الدولي بشأنه ضرورة لسد احتياجات بيروت من المياه
المقالة القادمةالترسيم وإعادة توزيع حصص الرخص البتروليّة: شراكة فرنسية-قطرية