ضبابية السياسة النقدية تعمّق انحدار العملة اللبنانية

أدت ضبابية السياسة النقدية في لبنان إلى فقدان العملة المحلية الأربعاء المزيد من قيمتها أمام الدولار بعد تحسن محدود خلال الشهر الماضي إثر الإعلان عن تشكيل حكومة جديدة بعد 13 شهراً من الفراغ السياسي. وقال صرافون، رفضوا الكشف عن هوياتهم، لوكالة الصحافة الفرنسية إن “سعر صرف الدولار بلغ 20.2 ألف ليرة مقابل 17 ألفا بداية الشهر الحالي”. ويُعد ذلك التراجع الأسوأ في قيمة الليرة منذ أغسطس الماضي حين تجاوز سعر صرف الدولار أيضاً عتبة الـ20 ألف ليرة.

ومنذ صيف 2019، وفي ظلّ انهيار اقتصادي صنفه البنك الدولي بين الأسوأ في العالم منذ 1850، بدأت الليرة تتراجع تدريجياً أمام الدولار تزامناً مع أزمة سيولة حادة وتوقّف المصارف عن تزويد المودعين بأموالهم بالدولار، فيما لا يزال سعر الصرف الرسمي مثبتاً على 1507 ليرات.

ففي يوليو الماضي سجّلت الليرة تدهورا قياسيا، إذ تخطى سعر الصرف مقابل الدولار عتبة 23 ألفا في السوق السوداء. وفي سبتمبر الماضي تحسن سعر الصرف بعض الشيء ليقترب من 15 ألفا مقابل الدولار بعد الإعلان عن تشكيل حكومة جديدة برئاسة نجيب ميقاتي بعد أكثر من عام من شلل سياسي إثر استقالة الحكومة السابقة بعد أيام من انفجار مرفأ بيروت في أغسطس 2020.

إلا أن هذا التحسن لم يطل كثيراً، وعادت الليرة لتخسر المزيد من قيمتها تدريجياً مع استمرار تداعيات الانهيار الاقتصادي وغياب أي خطط إصلاحية واضحة. وارتفعت أسعار المواد الغذائية خلال عامي الأزمة أكثر من 600 في المئة، وفق الأمم المتحدة. وجراء نضوب احتياطي المركزي بالدولار شرعت السلطات منذ أشهر في رفع الدعم تدريجياً عن سلع رئيسية أبرزها الوقود والأدوية، ما أدى إلى ارتفاع أسعارها بشكل كبير.

ويقع على عاتق الحكومة الجديدة التوصل سريعا إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي كخطوة أولى لإخراج لبنان من أزمته، فيما يشترط المجتمع الدولي تطبيق إصلاحات بنيوية في قطاعات رئيسية مقابل توفير الدعم المالي. وقال ميقاتي خلال اجتماع مع وفد جمعية المصارف اللبنانية الثلاثاء الماضي إن “اتصالات جارية داخليا ومع سائر الهيئات الدولية المعنية، لوضع خطة موحدة للتعافي المالي والاقتصادي، تعتمدها الحكومة للخروج من الأزمة الراهنة”.

ويقوم المركزي بإعطاء المودعين دولاراتهم المحتجزة في المصارف على أساس سعر صرف 3900 ليرة مقابل الدولار الواحد، وهو سعر متدن مقارنة بالسعر الفعلي في السوق السوداء، البالغ اليوم ما يقارب 19 ألف ليرة. وأكد رئيس جمعية المصارف سليم صفير خلال الاجتماع أن “أي حل يجب أن يؤدي إلى حماية أموال المودعين”.

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةالتضخم العالمي في مرمى ارتدادات انتعاش سوق النفط
المقالة القادمةاستراتيجية استثمارية تضع السعودية أمام طفرة اقتصادية