استراتيجية استثمارية تضع السعودية أمام طفرة اقتصادية

كللت السعودية جهودها الإصلاحية المستمرة منذ خمس سنوات بإطلاق استراتيجية جديدة للاستثمار لجذب المزيد من رؤوس الأموال الأجنبية وتعزيز دور القطاع الخاص ضمن خارطة طريق وطنية تمتد حتى نهاية العقد الحالي، بما ينسجم مع خطط تنويع الاقتصاد. ويأتي هذا الإعلان بالتزامن مع تعهد الحكومة بضخ نحو 27 تريليون ريال (7.2 تريليون دولار) في أكبر اقتصادات المنطقة العربية حتى العام 2030 حتى يكون نمو الناتج المحلي الإجمالي للبلاد من أكبر 15 اقتصادا على مستوى العالم.

وتتسق هذه الاستراتيجية مع الخطة الطموحة التي أطلقتها السعودية في أبريل 2016 عبر ضخ مليارات من الدولارات لتنويع مصادر الدخل ووقف ارتهانها للنفط تدريجيا. وقال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان عند إطلاقه الاستراتيجية الاثنين الماضي “تبدأ المملكة اليوم مرحلة استثمارية جديدة تقوم على نجاحنا في زيادة عدد وجودة الفرص للمستثمرين السعوديين والدوليين لنُمكِّن القطاع الخاص ونوفر له فرصاً ضخمة”.

وتتضمن الاستراتيجية رفع إسهام القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي إلى 65 في المئة وتعزيز الاستثمار الأجنبي المباشر لتصل إسهاماته إلى 5.7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. كما أنها ترمي إلى زيادة نسبة الصادرات غير النفطية من نحو 16 في المئة إلى 50 في المئة من إجمالي الناتج المحلي غير النفطي، وتخفيض معدل البطالة إلى 7 في المئة من مستوى 11.3 في المئة حاليا.

وتشمل الخطة كذلك ضخ استثمارات تفوق 3.2 تريليون دولار في الاقتصاد المحلي حتى العام 2030، بالإضافة إلى ضخ حوالي 2.6 تريليون دولار من الإنفاق الحكومي من خلال الموازنة العامة للدولة خلال السنوات العشر القادمة، و1.3 تريليون دولار أخرى من الإنفاق الاستهلاكي الخاص لنفس الفترة. وتهدف الاستراتيجية أيضا إلى رفع صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى 103.4 مليار دولار سنويا، وزيادة الاستثمار المحلي ليصل إلى حوالي 453 مليار دولار سنويا بحلول عام 2030.

وحققت السعودية إنجازا نوعيا في تقرير ممارسة الأعمال 2020 الصادر عن البنك الدولي، وتقدمت 30 مرتبة ليصبح ترتيبها 62 عالميا والرابعة عربيا بعد كل من الإمارات والبحرين والمغرب، لتكون بذلك الدولة الأكثر تقدما وإصلاحا بين 190 دولة حول العالم.

ويتوقع الخبراء أن تدفع الاستراتيجية بالاستثمار في البلد الخليجي النفطي إلى الأمام بوتيرة أعلى وخطى أسرع عبر تحسين بيئة الاستثمار وزيادة جاذبيتها وتنافسيتها. كما أنها ستعمل على تنفيذ تدابير تصحيحية جوهرية على مستوى الإطار التنظيمي والتشريعي وحصر وتطوير الفرص الاستثمارية وعرضها على المستثمرين. وإلى جانب ذلك، توفير حُزم من الحوافز للمشاريع النوعية وجذب المقرات الإقليمية للشركات العالمية، إضافة إلى دعم أعمال الشركات المحلية لتعزيز مكانتها الدولية وتمكينها من إيصال وترسيخ استثماراتها ومنتجاتها وخدماتها في الأسواق الإقليمية والعالمية بكفاءة وتنافسية عاليتين.

وتشمل استراتيجية الاستثمار وضع حوكمة شاملة للإشراف على تنفيذها عبر اللجنة الوطنية العليا للاستثمار التي يرأسها الأمير محمد بن سلمان ووضع وإقرار الحوافز للاستثمارات النوعية، وحصر وتطوير الفرص الاستثمارية. كما أنها تتضمن عدداً من المبادرات، منها إنشاء مناطق اقتصادية خاصة بتنظيمات تنافسية وحوافز جاذبة للاستثمارات في القطاعات ذات الأولوية وبرنامج لنقل سلاسل الإمداد الاستراتيجية إلى السعودية، والاستحواذ على حصة من السوق في مكونات سلاسل الإمداد. وتضم أيضا مبادرات للتمويل والتي تشمل تطوير حلول تمويلية جديدة للقطاع الخاص لتعزيز تكوين رأس المال، وكذلك تطوير منصة “استثمر في السعودية” لعرض وتسويق الفرص الاستثمارية المتاحة في البلد النفطي.

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةضبابية السياسة النقدية تعمّق انحدار العملة اللبنانية
المقالة القادمةشركات الشحن البحري في سباق لمسح بصماتها الكربونية