ما نفع السدود والآبار في ظل السرقة والهدر؟

انحباس المطر لفترة طويلة وارتفاع درجات الحرارة حتى منتصف كانون الثاني الجاري… جعلا كثراً يتسرّعون في استنتاجات مبالغ فيها حول تغيّر المناخ وزيادة الجفاف، لتبرير خيارات كتخزين المياه وإنشاء السدود السطحية. عودة الأمطار بعد طول انقطاع، وهي عودة كانت حتمية، أثبتت خطأ هذه «الرهانات»، وكشفت عشوائية في مقاربة «أزمة المياه»، في غياب أي معطيات دقيقة… وأن المشكلة في بلد مثل لبنان هي في سوء إدارة هذا المورد المتجدد لا في ندرته

بغض النظر عن التكهنات حول تأثير تغيّر المناخ، كيف يمكن الحديث عن نقص أو فائض في المياه من دون أن تكون لدينا معطيات حقيقية أو أجهزة قياس ثابتة ودقيقة عن التدفقات ودراسات عن الأحواض الجوفية؟ وكيف نتحدث عن المتساقطات السنوية من دون أن تتوافر لدينا دراسات تفصيلية رسمية عن حجم الثلوج، علماً بأن بعض الدراسات الجامعية بيّنت، منذ فترة طويلة، وجود حجم ضخم من الثلوج سنوياً، تسهم بذوبانها البطيء في تغذية أهم الخزانات الجوفية، وفي قوة تدفق الينابيع وديمومة عطائها وجريانها في فصل الشحائح.

قد يبدو سهلا تحديد حجم الهدر في الشبكات عبر قياس الكمية المرسلة والكمية التي تصل الى أماكن التوزيع، هذا إذا نجحنا في ضبط عيارات المياه مع حسن مراقبة من يتولى التوزيع. ولكن، كيف يمكن تحديد حجم السرقة التي تأخذ أشكالاً وأنواعاً مختلفة، وقد تمّ كشف حالات تواطؤ كثيرة بين العاملين في التوزيع وأصحاب الصهاريج، حيث تقطع المياه عمداً عن المشتركين لإرغامهم على طلب مياه الصهاريج التي تتزوّد بهذه المياه من الشبكات نفسها؟ فضلاً عن السرقة من باطن الأرض بواسطة الآبار الجوفية وبيعها أيضاً.

لعل أخطر ما واجه قضية المياه في لبنان، هو اختصار القضية، عن قصد أو من دونه، بالصراع الإعلامي بين المدافعين عن التخزين السطحي (ممثلين بوزارة الطاقة والمياه) لسد النقص المقصود، وبعض الجيولوجيين الداعين الى السحب من المياه الجوفية لسد الحاجات، ويحاججون بأن المياه الجوفية يمكن أن تكون بديلاً من السدود المكشوفة. بمعنى آخر، تحويل الصراع بين مجموعة من المستثمرين، بدل أن يكون الخلاف على مبادئ استراتيجية لا يمكن أن يستقيم الا بعد حسم مسألة المعطيات. وهذه نقطة مركزية، في ما لو أراد الأفرقاء المتنازعون البدء بطرق علمية لمقاربة كيفية إدارة هذه الثروة الحيوية وحمايتها.

 

للاطلاع على المقال كاملا:

http://www.al-akhbar.com/Community/299108

 

مصدرجريدة الأخبار - حبيب معلوف
المادة السابقةبين “كورونا” والبطالة… عائلات صيداوية تئنّ فقراً
المقالة القادمةفهمي: سأوصي بتمديد الإقفال العام