متاجر التجزئة تكافح لمجاراة قسوة التقلبات العالمية

دخل تجار التجزئة مع بدء المنتدى العالمي للقطاع بمدينة برشلونة الثلاثاء، وهو أحد أكبر المؤتمرات السنوية في هذه الصناعة، في مناقشات حول كيفية استجابتهم للضغوط القائمة بسبب استمرار تأثير الحرب في أوكرانيا على أعمالهم.

ولن تكون مشكلة التضخم والتكاليف الباهظة للإنتاج هي المهيمنة على الحدث، لكن شركات التجزئة تواجه أيضا ضغطا من الجهات التنظيمية والمستهلكين للانتقال إلى نماذج أكثر استدامة وتبني التكنولوجيا بشكل أوسع لعكس اتجاه المبيعات المتراجعة.

ورغم الدلائل الأولية على تباطؤ ارتفاع الأسعار، لا يزال تجار التجزئة قلقين بشأن التضخم الذي يثبط إنفاق المستهلكين، وفقا لمسح أجرته مجموعة بوسطن الاستشارية لصناع القرار في مجال التجزئة “بي.سي.جي”.

ويواجه تجار التجزئة في العديد من الأسواق وخاصة أوروبا تباطؤا في المبيعات، إذ يتأثر المستهلكون بفواتير الطاقة المرتفعة وينفقون أقل على الملابس ويشترون أغذية أرخص.

وبشكل عام، كانت التكلفة المتزايدة للسلع، وانخفاض الإنفاق الاستهلاكي، وسلاسل التوريد التي لا يمكن التنبؤ بها، من أهم الاهتمامات بالنسبة لقرابة 561 من المديرين التنفيذيين للبيع بالتجزئة الذين شملهم مسح بي.سي.جي الذي نشر مع بدء المؤتمر.

وثمة قناعة بأن تمرير التكاليف المرتفعة على المتسوقين يبدو أكثر صعوبة، فقد أكد نحو 72 في المئة من المشاركين في المسح أنهم يتوقعون أن يكون المستهلكون أكثر حساسية للسعر هذا العام.

وقالت بي.سي.جي في التقرير “هذا يحد من الخيارات التي يتعين على تجار التجزئة استردادها ومكافحتها تكاليف المدخلات المرتفعة، ويفرز صعوبات جديدة يجب على تجار التجزئة مكافحتها، مثل تحويل سلوك المستهلك نحو منتجات محددة وقطاعات العملاء”.

وعند شراء البقالة، على سبيل المثال، كان المستهلكون في بريطانيا يعطون الأولوية للقدرة على تحمل التكاليف على الصفات الأخرى، مع تأثيرات سلبية غير مباشرة على التغذية.

وبالإضافة إلى رفع الأسعار وإعادة التفاوض مع الموردين، يعتقد خبراء أن تجار التجزئة يجب عليهم أن يكونوا مبدعين للحفاظ على عودة المتسوقين، حيث يستثمر الكثيرون في العروض الترويجية للأسعار وتحسين تجربة العملاء عبر الإنترنت.

ويعتقد معدو تقرير بي.سي.جي أن تجار التجزئة يواجهون الكثير من التحديات لتحسين أداء أعمالهم مستقبلا، بما في ذلك الاستثمار في الذكاء الاصطناعي لصقل إستراتيجيات التسعير والتسويق الخاصة بهم باستخدام الخوارزميات والتعلم الآلي.

وقالوا إن “معظم تجار التجزئة خارج آسيا يتجاهلون الذكاء الاصطناعي ويفقدون الفوائد الإضافية المحتملة التي يقدمها”.

وكانت أسواق آسيا نقطة مضيئة من حيث توقعات تجار التجزئة، حيث توقع 76 في المئة من المشاركين في المسح أن ينمو اقتصاد المنطقة هذا العام بعد إعادة فتح الاقتصاد الصيني، الذي يعد المحرك الرئيسي لعمليات التجارة عالميا.

كما أن تجار التجزئة أكثر تفاؤلا بشأن أسواق أميركا الشمالية من الأسواق الأوروبية، حيث توقع 68 في المئة نموا في أميركا الشمالية و54 في المئة في أوروبا.

وفي دليل على حجم المصاعب، رجحت منظمة التجارة العالمية تباطؤ معدلات نمو المبادلات البينية إلى 1.7 في المئة هذا العام بعد أن نمت 2.7 في المئة في 2022، رغم ارتفاع توقعات الناتج المحلي الإجمالي منذ الخريف الماضي.

وعزت المنظمة في تقرير نشرته قبل فترة ذلك إلى التوترات الجيوسياسية وارتفاع أسعار الطاقة والسلع الأساسية الأخرى وتأثيرات الوباء في عام شهد أعلى معدلات للتضخم منذ ثمانينات القرن الماضي.

ويتقدم مسؤولون تنفيذيون من شركات، بما في ذلك متاجر التجزئة الصينية للأزياء السريعة شيين ومانغو الإسبانية وبيرمارك الأيرلندية، أولئك الذين يحضرون المؤتمر لمناقشة التحديات التي تواجه أعمالهم لأن التضخم يدفع المستهلكين إلى تقليل الإنفاق.

وقالت فاليري بويتن، كبيرة مسؤولي السياسات في مؤسسة إيلين ماكارثر فاونديشن، وهي منظمة غير حكومية تعمل مع أتش آند أم ومانغو، إن “هناك ضغطا متزايدا من المنظمين على نموذج الأزياء السريع الذي يقوم على الكميات الكبيرة والأسعار المعقولة”.

وأوضحت في تصريح لوكالة رويترز أنه “تم إعداد النموذج الحالي للفشل إذا أخذنا في الاعتبار تغير المناخ وندرة الموارد”.

وأضافت أن “هناك حالة عمل لجعل صناعة الأزياء أكثر دائرية، لكنها ستعتمد على تأمين إيرادات متعددة من المنتجات الحالية”.

ويحاول الاتحاد الأوروبي التحول إلى اقتصاد تعيد فيه الصناعات استخدام المواد وإعادة تدويرها بدلا من استخدام الموارد المحدودة لصنع منتجات جديدة.

ومع عدم ظهور أي علامات على تباطؤ الإنتاج في شركات مثل إنديتكس وزارا، فإنها تتطلع بدلا من ذلك إلى استخدام كميات أقل من المياه والطاقة والمزيد من المنسوجات المعاد تدويرها.

وبدأت علامات مثل أتش آند أم وزارا في بيع خدمات إصلاح الملابس في بعض متاجرها. وتقوم شركة يونيكلو في متجرها في محطة طاقة باترسي بلندن ببيع الجينز والقمصان البالية المرقعة بتطريز “ساشيكو” المستوحى من اليابان، بأسعار أعلى من الملابس الجديدة.

وأطلقت زارا هذا الشهر أول مجموعة نسائية لها مصنوعة من المنسوجات المعاد تدويرها التي قدمتها سير، وهي شركة أميركية استثمرت فيها إنديتكس وبيل غيتس، وهي تمتلك تقنية تفصل بين القطن والبوليستر في الملابس القديمة لإنشاء نسيج جديد.

وتبيع ديكاتلون، أكبر بائع تجزئة للسلع الرياضية في العالم، خدمات الإصلاح وقطع الغيار والأدوات للأشخاص لإصلاح دراجاتهم وخيامهم وزوارقهم.

وقال فؤاد لاتريك، كبير مسؤولي التكنولوجيا في ديكاتلون، لرويترز “المعادلة التي نحاول حلها هي كيفية الاستمرار في النمو مع تقليل بصمتنا الكربونية”.

ويعمل تجار التجزئة مع السلطات المحلية قبل صدور قانون في الاتحاد الأوروبي يطالب الدول الأعضاء بجمع نفايات المنسوجات بشكل منفصل بحلول 2025.

وفي تجسيد لتحولها، أنشأت مجموعة شركات تشمل ديكاتلون ومانغو وإنديتكس وآي.كي.إي.أي مؤخرا جمعية في إسبانيا لإدارة نفايات المنسوجات.

وقالت إيما بيكمان، رئيسة منطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا في شركة استشارات العلامات التجارية لاندور آند فيتش، إن “أي بائع تجزئة لا يفكر في الاستدامة في جميع جوانب علامته التجارية، وعبر سلسلة القيمة بأكملها، فهو نائم على عجلة القيادة”.

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةنتفليكس توسع محفظة استثماراتها في آسيا
المقالة القادمةسبير الروسية تنضم إلى السباق العالمي لروبوتات المحادثة