مخاطر أسواق المال تدفع المستثمرين نحو العقارات

يتجه المستثمرون نحو وضع أموالهم في القنوات التي تحفظ رأس المال من دون الاكتراث بالعائد، وسط اضطرابات أسواق المال وزيادة معدل الإفلاسات بين الشركات في قطاعات السفر والسياحة والفنادق والطيران والخدمات.

وسط هذا الاضطراب والضيق في قنوات الاستثمار والقلق من تداعيات الموجة الثانية من جائحة كورونا، يتجه المستثمرون نحو وضع أموالهم في قطاع العقارات السكنية في كل من أوروبا وأميركا. وعلى الرغم من أن قطاع العقارات السكنية قد يحقق عائدات ضئيلة على المدى المتوسط، إلا أنه الأقرب لحفظ قيمة رأس المال مقارنة بقنوات الاستثمار الأخرى.
وتشير بيانات رسمية أميركية إلى أن مبيعات المساكن في أميركا ارتفعت إلى أعلى معدلاتها منذ عام 2006 خلال شهر أغسطس/ آب الماضي، إذ زادت بنسبة 11.4%. كذلك اتجه أثرياء كبار في أميركا نحو التمويل العقاري على أمل الحفاظ على ثرواتهم وتحقيق أرباح في سنوات ما بعد جائحة كورونا. ونفذ الأخوان المليارديران ديفيد وسايمون روبن تمويلاً في الأسبوع الماضي لبناية سكنية في مدينة لوس أنجليس بقيمة 275 مليون دولار.
وذكرت مجلة “ويرلد بروبرتي جورنال”، في تقرير الثلاثاء، أن إجمالي قيمة المساكن الأميركية كسبت نحو 620 مليار دولار في الربع الثاني من العام الجاري مقارنة بقيمتها في نفس الفترة من عام 2019.

على الصعيد الأوروبي، أشار مسح نشره موقع “منتدى المؤسسات المالية والنقدية”، أن هنالك توجهاً قوياً وسط المستثمرين لوضع أموالهم في العقارات، خاصة الاستراتيجية في المدن الكبرى. وبحسب المسح، يخطط 49% من المستثمرين للاستثمار في العقار. وترتفع النسبة في فرنسا إلى 65% وفي بريطانيا إلى 36%.
وبحسب المسح فإن نسبة 57% من الذين استطلعت آراؤهم يرون أن سوق العقارات الألمانية ستتمكن من التعافي من جائحة كورونا قبل أسواق أوروبا الأخرى. ويركز المستثمرون الذين يضعون أموالهم في العقارات على سوق المساكن والشقق في برلين وفرانكفورت، وهما من المدن المرشحة للتوسع في ألمانيا. وسوق العقارات السكنية في المدن الألمانية الكبرى تواجه نقصاً في الوحدات السكنية، وهنالك توقعات أن تشهد هذه المدن ازدهاراً بعد خروج بريطانيا من عضوية الاتحاد الأوروبي، واحتمال توجه العديد من المصارف والشركات التجارية نحو فتح فروع لها في ألمانيا.
وضربت الموجة الثانية من جائحة كورونا آمال أصحاب الثروات وصناديق الاستثمار في التعافي السريع وعودة الاقتصادات العالمية للانتعاش، كما أنها وضعتهم أمام خيارات قليلة من القنوات التي تحفظ الثروات وتحمي أموالهم من مخاطر التآكل بسبب احتمال ارتفاع معدل التضخم في المستقبل في حال تركها في الحسابات المصرفية.
وتدفع المصارف التجارية في الوقت الراهن عائداً منخفضاً جداً على الحسابات بسبب الفائدة الصفرية التي تعتمدها البنوك المركزية في معظم الاقتصادات الغربية. كما أن أسواق المال بدت أكثر اضطراباً خلال الشهر الجاري في كل من أوروبا وأميركا.

وكانت صناديق الاستثمار قد حققت أرباحاً من الاستثمار في شركات التقنية والطاقة المتجددة والمراهنة على شركات الأدوية خلال الشهور الماضية، لكن هذه المجالات ضيقة جداً مقارنة بالتريليونات الباحثة عن ملاذات استثمارية. ويقول خبراء إنّ الأمل الذي دفع المستثمرين خلال الأشهر بين مايو/ أيار وأغسطس/ آب إلى الاستثمار في شركات الأدوية والتقنية تبخر بعد الفشل في اكتشاف عقار يقضي على الجائحة.
في هذا الشأن يقول مصرف “يو بي أس” السويسري، في تحليل في بداية الأسبوع، إن 40% من مكاسب أسواق المال منذ مايو/ أيار كانت مرتبطة بآمال اكتشاف عقار يلجم تفشي الجائحة التي قتلت نحو 960 ألف شخص.
على صعيد أسواق المال يقول خبير الاستثمار البريطاني ريتشارد هنتر “بات من الصعب التنبؤ بمعدل التراجع الذي تشهده أسواق المال في بريطانيا والعالم. في شهر أغسطس/ آب خسر مؤشر “فوتسي 100” البريطاني نحو 5% من قيمته، كما خسر 19% خلال العام الجاري، كما خسر أول من أمس الثلاثاء أكثر من 2%.
ويرى هنتر في تعليقات نقلتها نشرة “ويتش” البريطانية التي تقارن بين الأسعار والخيارات للمتسوقين “أن المكاسب القليلة التي حققتها سوق الأسهم في بعض الأوقات كانت بسبب تراجع سعر صرف الإسترليني”.
على الصعيد الأميركي، يتزايد القلق وسط المستثمرين في الأسهم مع قرب الانتخابات الرئاسية والخلافات المستفحلة بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي داخل الكونغرس حول مجموعة من القضايا الرئيسية للبلاد، من بينها حزمة الإنقاذ المالي.
في هذا الصدد يقول كبير خبراء الاستثمار بشركة “سي أف آر أيه” الأميركية، سام ستوفال، “القلق يتزايد بين المستثمرين بسبب زيادة الإصابات بالفيروس والتوجه نحو إغلاق جديد للاقتصادات في أوروبا”.

كذلك يشير خبراء إلى أن حرب أشباه الموصلات بين بكين وواشنطن تواصل ضرب أسهم شركات التقنية في سوق وول ستريت، إذ خسرت شركة آبل نحو 20% من قيمتها حتى نهاية الأسبوع الماضي، ورغم أن سهمها عاد للاستقرار يوم الإثنين، إلا أن الخبراء ينظرون لهذه العودة على أنها طارئة ولا يعتمد عليها في مؤشرات توجه سهم الشركة.

مصدرالعربي الجديد - موسى مهدي
المادة السابقةالبرلمان الجزائري يصادق على “المنطقة الحرة الأفريقية”
المقالة القادمة4 عوامل تضغط على الإسترليني خلال الشهور المقبلة