«مسار الشعوب نحو الأمن الغذائي»: لبنان يُجوَّع… فلا تتكلوا على من يجوَِعه

«الاتكال على الذات وتمكين النفس بهدف تحقيق السيادة على الطعام». هذه هي «الوصفة» الأمثل التي خلصت إليها ندوة «مسار الشعوب نحو الأمن الغذائي والتنمية الحقيقية والسلام العادل» التي نظّمتها أخيراً «الشبكة العربية للسيادة على الغذاء»، في سياق دعوتها إلى «التضامن العالمي في مواجهة الصراعات التي تؤثر في النظم الغذائية».

وفق المُشاركين في الندوة، فإن لبنان «ليس بعيداً من التهديد بالجوع جراء الأزمة الاقتصادية التي تتهدده. إذ تربط الولايات المتحدة إنقاذه بشرط التخلي عن مقاومته للعدوان الإسرائيلي والرضوخ لشروط صندوق النقد الدولي ليمنحنا القروض»، بحسب الباحثة اللبنانية وافي إبراهيم، لافتة إلى أن «ربط مساعدة لبنان بهذه الشروط يهدد اللبنانيين بالموت جوعا خصوصاً بعد تأكيد اليونيسف أن 77 في المئة من العائلات اللبنانية لم تجد ما يكفي من المال لشراء الغذاء خلال شهر تموز». الحصار الذي تفرضه الولايات المتحدة على لبنان يتطابق والحصار الذي تفرضه على فنزويلا منذ تشرين الثاني 2015، ما «أثّر في كل مناحي الحياة. وكما في كوبا، يعاني الشعب الفنزويلي من عقوبات حكومات إمبريالية ليدخل في حالة عوز»، يؤكد نائب رئيس اتحاد الفلاحين في فنزويلا داني دافيد في معرض حديثه عن الحصار الذي أثر في الأمن الغذائي في بلاده و«أجبرنا على تعديل سياسات الغذاء والإنتاج الغذائي».

المؤتمرون شدّدوا على أن شركات زراعية وصناعية عالمية تستغلّ سوء الأوضاع في البلاد التي تشهد نزاعات لتسيطر على الأراضي التي لم تتمكن من السيطرة عليها في حالة الاستقرار بسبب القيود الدستورية والقانونية. هذه الشركات تتمكن من السيطرة سياسياً لتحقق أرباحاً طائلة، فتؤثر في منتجي الطعام وتهدد بالجوع. وقد «لاحظنا شراكة استراتيجية أقامتها هذه الشركات مع الأمم المتحدة عام 2018، ولاحظنا سيطرتها على قمة النظم الغذائية وقيادتها للمؤتمر الممهد له، لذا نتوقع من هذه الشركات المزيد من الاستحواذ على الأراضي بمباركة الأمم المتحدة»، بحسب الرئيسة المشاركة في التحالف العالمي للسيادة على الغذاء سلفيا ملاري. بعد انتهاء الحروب، وتحت شعار المساعدات الغذائية للدول التي أنهكتها الحرب، «تحقق الدول الإمبريالية هدفها في دعم اقتصادها المحلي وتدمير الإنتاج المحلي للدول التي ستساعدها».

استعراض هذه الوقائع، هدفه الإشارة إلى أن «لا خلاص فعلياً للبلاد التي تشهد اضطرابات، ومن ضمنها لبنان، إلا بتحقيق السيادة الغذائية، لأن الجهة المفترض بها تأمين الأمن الغذائي (الأمم المتحدة) شريكة في التجويع خدمة لاقتصادات الدول التي تنتمي إليها كبرى الشركات. وعليه، فإن أي نقاش في لبنان يرتبط بمساعدته غذائياً لا يمكن التعويل عليه ما لم تتم المباشرة بأولى خطوات تحقيق السيادة والاكتفاء الذاتي والتنبه لمطامع الشركات اللاهثة وراء الاستثمار في الأزمات.

مصدرجريدة الأخبار - زينب حمود
المادة السابقةسهل البقاع في عزّ أزمة المازوت: التلف «بالجملة والمفرق»
المقالة القادمةوزارة الصحة تعلن إقرار آليّة لاستيراد الأدوية المدعومة