نحو إعادة الاعتبار للسلم المتحرك للأسعار؟ | جدول أسعار المحروقات… حبر على ورق

الفوضى الكاملة تضرب قطاع المحروقات، بسبب القرارات الاعتباطية للسلطة. كل أسبوع قرار يناقض الذي سبقه، بلا أي استراتيجية أو خطة واضحة. آخر ابتكارات وزارة الطاقة إصدار جدول أسعار على أساس سعر 14 ألف ليرة للدولار (مُعدّل سعر الدولار على منصة «صيرفة» أمس). أدى ذلك إلى ارتفاع سعر صفيحة البنزين إلى ما يزيد على 200 ألف ليرة، بزيادة 29 ألف ليرة، وسعر المازوت إلى 162700 ليرة، بزيادة 64100 عن آخر سعر لصفيحة المازوت تضمنه جدول الأسعار. إذ إن الوزارة ارتأت الأسبوع الماضي أن لا تصدر تسعيرة المازوت بالليرة، مكتفية بتحديد سعر الطن بالدولار، قبل أن تعود هذا الأسبوع وتُحدّد سعراً وهمياً لا يتناسب مع بيع المنشآت كما الشركات لهذه المادة بالدولار حصراً.

الأغرب أنه عندما أرادت الوزارة أن تصحح خطأها بعدم تسعير المازوت الأسبوع الماضي، سعّرته هذا الأسبوع بطريقة تكرس السوق السوداء لمن يستطيع إليها سبيلاً. باختصار، على رغم أن الدولة، عبر منشآت النفط، تبيع المازوت بالدولار النقدي حصراً، إلا أن الوزارة حددت سعراً للمبيع بالمفرق بالليرة. أي أنها ألزمت المحطات والموزّعين الذين يدفعون ثمن البضاعة بالدولار بيعها للأفراد بالليرة. هذا يعني تلقائياً أن الدولة قررت عن سابق تصميم إصدار سعر تدرك أنه غير قابل للتنفيذ، إلا إذا افترضت أن المحطات والموزعين سيتبرعون للناس بالفارق في سعر الدولار في حال ارتفع. فكل زيادة في سعره عن الـ14 ألف ليرة ستعني تلقائياً خسارة بالقيمة نفسها للمحطات، طالما أنها تشتري بالدولار.

هنا يسود الارتباك في القطاع، في ما يتعلق بالبنزين. الشركات تشير إلى قرار للمصرف برفع يده نهائياً عن تأمين الأموال لاستيراد البنزين، فيما تشير مصادر وزارة الطاقة إلى أن المصرف لا يزال ملتزماً بتأمين الأموال اللازمة لشراء البنزين. الوجهة الثانية تؤكدها مصادر مصرفية مسؤولة، جازمة أن المصرف سيستمر في تأمين الدولارات الخاصة بالبنزين، من دون أن تعطي سبباً واضحاً لاستثناء المازوت من هذه الآلية.

خلاصة هذه الفوضى أن الأزمة مستمرة إلى أمد طويل. وحتى رفع الدعم تماماً لن يخفف من هذه الأزمة. فلا مصرف لبنان سيفتح الاعتمادات التي تكفي حاجة السوق، ولا الشركات قادرة على تأمين حاجتها للدولار من السوق السوداء، ولا وزارة الطاقة قادرة على إلزام الشركات والمحطات الالتزام بتسعيرتها.

ولذلك، يؤكد أحد العاملين القدامى في القطاع أن لا حل سوى بسعي مصرف لبنان إلى إيجاد التوازن المطلوب في السوق. وهذا يتحقق فقط من خلال تثبيت سعر صرف الدولار، أقله للمشتقات النفطية، على أن يتحمّل المصرف والشركات معاً التغيرات في السعر.

مصدرجريدة الأخبار - إيلي الفرزلي
المادة السابقةتفعيل النقل المشترك: بـ 60 مليون دولار فقط!
المقالة القادمةالتعامل مع الصندوق “عالقطعة” يُعمّق الأزمة ولا يحلّها