هل يكون “الكابيتال كونترول” المسلّة التي “تنكز” المصارف لإعادة الهيكلة؟

لم تخطُ المصارف اللبنانية، منذ قرابة السنة ونصف السنة على انفجار الأزمة الإقتصادية والنقدية، خطوة واحدة لتخرج من دائرة “الزومبي بنك”. فاستمرت فعلياً من دون رساميل بانتظار “شيء ما”، يتعدى الأطر التنظيمية التي فرضتها تعاميم مصرف لبنان وتحديداً التعميم رقم 154. هذا الشيء قد يكون، بحسب الخبير المصرفي نيكولا شيخاني إقرار “الكابيتال كونترول”؛ ففي هذا القانون إمتحان جدي تكرّم فيه المصارف القادرة على الإيفاء بالتزاماتها كما يحددها القانون فتبقى في السوق، أو “تهان” من لا تمتلك منها الرساميل الكافية فتخرج من المعادلة.

أهمية إقرار قانون لـ”الكابيتال كونترول” بالمعنى العام، وبغض النظر عن الإختلاف على البنود يبقى، بحسب شيخاني، “أساسياً لاعادة هيكلة القطاع المصرفي.

يجمع الخبراء على وجود عدة طرق لاعادة الهيكلة، وإن كانت جميعها تنضوي تحت العنوان الكبير: فصل البنوك الجيدة عن البنوك الرديئة، أو ما يعني بالمصطلح المتعارف عليه عالمياً GoodBanks & BadBanks. وفي الحالة اللبنانية يعتبر شيخاني أن الحل الأفضل هو إجراء “مراجعة أصول الجودة”(QAR)، لكل مصرف على حدة.

بالإضافة إلى النية الجدية بانقاذ القطاع المصرفي، فان “إعادة الهيكلة تتطلب من وجهة نظر شيخاني مجموعة من الإجراءات أهمها:

– تنفيذها بالتعاون مع صندوق النقد الدولي. وأن تكون من ضمن خطة متكاملة إقتصادية ومالية متماسكة.

– تفعيل وتحديث التدقيق المحاسبي في المصارف، والتركيز على أن يكون المدققون الخارجيون external auditors يتمتعون بالمسؤولية وليس أن يروا المخاطر ولا يتحركون.

– إعطاء الهيئات الرقابية والتنظيمية كـ”لجنة الرقابة على المصارف”، و”هيئة التحقيق الخاصة” و”هيئة الأسواق المالية” إستقلالية عن مصرف لبنان. بحيث لا يعود اعضاؤها موظفين في “المركزي”، ولا يعود الحاكم هو الرئيس الأعلى لهذه الهيئات. ولعلّ هذا التشارك في المصالح هو ما أوصل البلد إلى ما نحن فيه اليوم.

– تعيين مجالس إدارة مستقلة في المصارف.

– فصل منصبي رئيس مجلس الإدارة والمدير العام عن بعضهما البعض.

– إنشاء وحدة رقابة داخلية أقوى عبر جميع البنوك لضمان تطبيق العمليات والإجراءات بما يتماشى مع “معايير الحوكمة الرشيدة”. وهذا من شأنه أن يضمن الحد من تضارب المصالح المحتمل، ومراقبة مناسبة للمخاطر وعملية تدقيق أفضل.

– وضع حد أقصى لمشاركة الأشخاص المعرضين سياسياً (PEPs) لمشاركتهم في القطاع المالي لتجنب تضارب المصالح بين المجالين السياسي والمالي، ومنعاً لاستغلال النفوذ لتأمين مصالحهم قبل الغير، ومساعدة المصرف، كما حصل مؤخراً في لبنان.

– تركيب نظام مخاطر أقوى وأكثر صرامة، وتقديم مصلحة المودع في هيكلية المصرف على الأرباح.

ما لم يُصَر إلى إعادة هيكلة القطاع المصرفي في القريب العاجل على أسس واضحة ومتينة فان المشاكل ستزداد. وسيُفصل البلد عن النظام المالي العالمي، بسبب عدم استعداد المصارف المراسلة على التعامل مع المصارف اللبنانية وفتح خطوط اعتماد لها، ما لم تكن ميزانياتها متطابقة مع المعايير العالمية.

مصدرنداء الوطن - خالد أبو شقرا
المادة السابقةسلامة يضغط على الحكومة: وقف الدعم نهائياً
المقالة القادمةعدوان: هدر 7 مليارات دولار لن يمر من دون حساب والفرزلي يقصف دياب