6500 مليار ليرة الكلفة الشهرية لزيادات الرواتب

لا يمكن الجزم بأن ملف رواتب العاملين في القطاع العام قد طوي بشكل نهائي وسليم، بعد أن أقرّت الحكومة في جلستها يوم الثلثاء، بالإضافة إلى الزيادة السابقة بدفع راتبين إضافيين، دفع أربعة أضعاف الراتب الذي يتقاضاه موظفو القطاع العام والمتعاقدون والأجراء. والسبب هو الضبابية التي تحيط بكيفية تغطية كلفة هذه السلسلة الجديدة، والخوف من عدم القدرة على تأمين الأموال اللازمة على غرار ما حصل عند إقرار زيادة الراتبين قبل عدة أشهر. علماً أن وزارة المال تراهن على أن تكون تغطية الكلفة من عائدات الدولار الجمركي الذي تمّ رفعه الى 60 ألف ليرة، ثم الى سعر المنصة الشهر المقبل، والرسوم (الزهيدة) المنوي جبايتها من شاغلي الأملاك البحرية. في الوقت الذي يحذر العارفون بالوضع الاقتصادي، من أن هذه الضرائب الجديدة (الدولار الجمركي والأملاك البحرية)، يمكن أن تؤدي الى مردود عكسي لجهة زيادة الانكماش الاقتصادي وعمليات التهريب، فضلاً عن زيادة معدلات التضخّم، ما يعني أن رهان أهل السلطة هو كالعادة على سمك في البحر وهروب الى الأمام.

زيادة 3 و4 رواتب

بلغة الأرقام وبعد زيادة أربعة أضعاف على رواتب القطاع العام، من المفروض (بحسب ما نصّ قرار الحكومة) أن لا يقلّ هذا التعويض المؤقت عن ثمانية ملايين ليرة شهرياً، كما قرّرت دفع ثلاثة أضعاف الراتب الأساسي ومتمّماته الذي تتقاضاه الأسلاك العسكرية، على أن لا يقلّ هذا التعويض المؤقت عن سبعة ملايين ليرة شهرياً. ودفع ثلاثة أضعاف المعاش التقاعدي للمتقاعدين، في جميع الأسلاك الذين يستفيدون من معاش تقاعدي. كما تم تعديل بدل النقل إلى 450 ألف ليرة يومياً، مع اشتراط عدد أدنى من أيام الحضور إلى العمل (14 يوماً). كذلك أقرّت الحكومة رفع الحدّ الأدنى للأجور في القطاع الخاص إلى 9 ملايين ليرة و250 ألف ليرة لبدل النقل.

عدم إستبعاد الإنكماش

وتؤكد مصادر وزارة المالية لـ»نداء الوطن» على «مراهنة وزارة المال على الضرائب المتأتية من الدولار الجمركي، والأملاك البحرية لتغطية نفقات السلسلة والتي تقدر بنحو 6500 مليار ليرة شهرياً، في حين أن كلفة الإضافة الأخيرة 4000 مليار ليرة شهرياً»، مشددة على أن «الوزير يوسف خليل أخذ في الاعتبار إمكانية حصول انكماش اقتصادي نتيجة رفع الدولار الجمركي، لكن من المفروض أن يدخل الى الخزينة شهرياً نحو 6000 مليار ليرة من الدولار الجمركي، ومن الأملاك البحرية بحدود 20 مليون دولار سنوياً أي نحو 2000 مليار ليرة».

شماس: الكلفة 80 مليون دولار سنوياً

في الميزان الاقتصادي يرى الخبير الاقتصادي غسان شماس لـ»نداء الوطن» أن «كلفة الرواتب الجديدة لن تتجاوز 80 مليون دولار سنوياً على سعر السوق السوداء، وهذا مبلغ ليس صعباً تأمينه في ظل المدفوعات التي يجري تسديدها في أكثر من قطاع»، لافتاً الى أن «تغطية كلفة هذه السلسلة الجديدة للرواتب ستكون بجزء كبير من خلال الدولار الجمركي وبجزء آخر من عوائد الدولة الأخرى. وبغض النظر عن رأينا في هذه الزيادة، إلا أن السيولة بين أيدي المواطنين تؤمّن دورة اقتصادية أفضل، ولا أعتقد انه سيكون هناك حرج أو خوف من كيفية تمويل هذه السلسلة الثانية».

حذار طبع العملة

يضيف: «أهون الشرور وأصعبها هو اللجوء الى طبع العملة وعندها تقع الكارثة، لأنه سيحصل ضخ أكبر للسيولة في السوق ما يؤدي الى زيادة الكتلة النقدية بين أيدي المواطنين، وسنعاود الدخول في دوامة ارتفاع سعر الدولار في السوق السوداء»، معتبراً أنه «في حال حصول هذا السيناريو فهذا دليل إضافي على قصر نظر القيمين على الشأن المالي والاقتصادي في لبنان، وقد يحصل هذا الأمر وليس مستبعداً، لأن القرارات التي تتخذ غالباً ما تكون فجأة ومن دون تمعّن».

رواتب بالدولار «الصيرفي»يسأل شماس:»هل سيسمح لموظفي القطاع العام أن يتقاضوا رواتبهم على دولار صيرفة أقل ممّا هو عليه الآن؟، أنا شخصياً مع هذا الطرح لأن هذه الطريقة يمكن أن توقف التضخم الذي يمكن أن ينتج عن هذه الزيادة، لأن طرح الدولار بدل الليرة سيسمح للموظفين ببيع هذه الدولارات في السوق السوداء ما سيحقّق هدفين: الأول زيادة الرواتب بنسبة معينة، والثاني هو امتصاص الليرة اللبنانية وتحريكها في السوق الاستهلاكية، وهذا يعني زيادة لكتلة الدولار وخفض لكتلة الليرة اللبنانية في السوق، ما يسمح باستقرار نسبي لسعر الدولار في السوق السوداء».

رسوم الأملاك البحرية زهيدة

ويعتبر أن «اتخاذ هذا القرار ليس صعباً، بل هو قرار إداري يمكن أن يتّخذ من قبل مصرف لبنان، وليس بحاجة الى تعميم. وما حصل يوم الثلثاء هو تفكيك المشكلة. في المرحلة الأولى إقرار الزيادة، وبعدها من الممكن اتخاذ قرارات أخرى من قبل مصرف لبنان تجنباً لافتعال المشاكل»، مشدداً على أنه «لا أمل من المراهنة على مردود الأملاك البحرية، لتغطية نفقات زيادة الرواتب لا قبل الأزمة ولا خلالها. فالمبلغ المتأتّي منها متواضع مقارنة مع كلفة السلسلة الجديدة لنحو 400 ألف موظف في الدولة اللبنانية، خصوصاً أن قيمة الضرائب المفروضة عليه زهيدة جداً مقارنة مع قيمتها الحقيقية».

ويختم: «رفع الدولار الجمركي سيساهم في سدّ بعض عجوزات الدولة بالليرة اللبنانية، كون الدولة لا تزال تستوفي الكثير من الرسوم على سعر 8 آلاف و15 ألف ليرة».

 

مصدرنداء الوطن - باسمة عطوي
المادة السابقةالموظّفون بعد إقرار الزيادات: الحكومة لا تقدّم حلولاً
المقالة القادمةعمولات FORRY… للبحث في قانونية إستحقاقها قبل البحـث في قانونية تقاضيها