لم يقفل نهائياً باب الإستقالة أمام نواب حاكم مصرف لبنان، فالإحتمال قائم وقد يقدمون على ما يهدّدون به الأسبوع المقبل، إذا لم يحصلوا على تطمينات خاصة في شأن إمكان اللجوء إلى الإحتياط الإلزامي لدعم منصة صيرفة. وأكدت مصادر متابعة أنهم تحت رهبة ما يقوله الحاكم رياض سلامة الذي «يحذر من المساس بالمنصة، ويترك انطباعات عند محدّثيه في هذا الشأن بأن كارثة ما ستقع على رؤوس نصف مليون أسرة مستفيدة من صيرفة، وليس إنفلات سعر صرف الدولار إلا فتيل انهيارات أخرى إضافية».
في المقابل، تشير مصادر أخرى إلى «مصلحة مباشرة لكل المدافعين عن منصة صيرفة، وأنّ رياض سلامة يرفع درجة التهويل عبر تسريبات هنا وهناك، إضافة إلى بعض التحذيرات في الإجتماعات المغلقة، من دون أن يردّ بوضوح على الإتهامات الموجهة إليه بأنه يفيد المصرفيين والمضاربين والتجار في الدرجة الأولى من هذه المنصة التي يدّعي أنها حققت الاستقرار النقدي من دون كلفة، علماً أنّ هناك كلفة أكيدة وواضحة بين شراء الدولار من السوق الموازية بسعر وعرضه على المنصة بسعر أقل». وذكرت المصادر أنه عندما سئل سلامة عن رأيه في تقرير للبنك الدولي ينتقد المنصة لأنها «غير شفافة» وفيها «شبهات أرباح غير مشروعة لفئات دون أخرى»، أجاب أنه «تقرير غبي»، ما يدل على انزعاجه الشديد من أي انتقاد للمنصة حتى لو وجهته جهات دولية مرموقة!
وتتساءل المصادر عن سر تعلق سلامة بـ»صيرفة» طالما هو سيخرج من الحاكمية، فما الذي يجعله متمسكاً بها إلى هذه الدرجة؟ ولماذا يهزأ من اقتراح إقامة منصة عرض وطلب حقيقيين بأرقام تداول شفافة يحضّرها أحد نوابه مع وكالة «بلومبيرغ»؟ والمستغرب تهويله بأنّ ثمة «تداعيات» لإبعاد ماريان الحويك عن المنصة، متجاهلاً أنّ القضاء الفرنسي وضع الحويك تحت المراقبة القضائية وجعل حريتها مشروطة، ومن الشروط عدم التواصل مع سلامة ومصرف لبنان بأي شكل من الأشكال.
وبالعودة الى تهديد نواب الحاكم بالإستقالة، وما المخرج اذا قدموها فعلاً؟ المعلومات الشائعة تفيد بأنّ الحكومة لن تقبل استقالتهم وستطلب منهم الاستمرار في عملهم، لكن ما هي الصيغة القانونية في هذه الحالة: أهي تصريف الأعمال؟ وهل ينطبق ذلك على مرفق مثل مصرف لبنان؟ أم تسيير المرفق العام، وبالتالي الاضطلاع بكامل المسؤوليات على عاتق كل نواب الحاكم وأولهم وسيم منصوري الذي سيقوم بمهمات الحاكم كاملةً؟
مصادر قانونية أكدت أنّ «نواب الحاكم قد يتعرضون لدعوى قضائية ضدهم على أساس أنّ استقالتهم تهرّب من المسؤولية وحنث بالقسم الذي أدّوه يوم تعيينهم، وقد يتعرضون هم ورياض سلامة لدعاوى متعلقة بطريقة إدارتهم للأزمة، ولا سيما (الهيركات) القاسي الظالم للمودعين، واستخدام أموال الإحتياط لدعم هو من مسؤولية الدولة ضمن ميزانيتها وليس من أموال المودعين، كما فعل سلامة، فضلاً عن محاباة المصرفيين على حساب المودعين، وترك المصارف شبه المفلسة تتعسف وتهضم الحقوق غير آبهة بأحد».