مئات العمال يتم “تشحيلهم” يومياً أو أسبوعياً من وظائفهم، بسبب إجهاز الإنهيار المالي على المؤسسات التي باتت غير قادرة على تحمّل الأعباء التي تثقل كاهلها. فالمصارف تحجم عن مدّهم بالتسليفات، تطبيقاً لتعاميم السلطة النقدية في البلاد، لتسديد الرواتب والمصاريف وبالتالي لتمكينهم من الإستمرار على مدى أطول والحدّ من البطالة ومن الفقر المستشري، والبلد “واقف” والأرزاق مقطوعة تستنجد الخلاص.
أسماء مؤسسات كبيرة هوت في الآونة أخيرة، بعدما استنزفها الانهيار الاقتصادي والمالي فأتى وباء كورونا ليفرض إقفال أبوابها. آخر وأهمّ المؤسسات كانت شركة كوكا كولا العالمية التي ودّعت لبنان واقفلت مؤسستها في لبنان، وحدّث بلا حرج عن صرف عمال من مجمعات كبيرة وعريقة مثل مركز ABC التجاري الذي يسرّح أفواجاً من العمال، ومن فنادق أعلنت إقفال أبوابها مثل “بريستول” و”أوتيل ألكسندر”. فما مصير هؤلاء المصروفين الذين يرفعون من نسبة البطالة الى أرقام قياسية تلامس الـ50%؟
“القطاعات الإقتصادية الأكثر تضرّراً كانت السياحية منها”، كما أكدت وزيرة العمل لميا يمّين الدويهي لـ”نداء الوطن”. كاشفة عن شكاوى متتالية ترد إلى وزارة العمل من المصروفين منذ 17 تشرين الأول 2019 لغاية نيسان 2020، وهي تنقسم الى نوعين: “شكاوى فردية وتبلغ 1022، وجماعية سجلت 90 شكوى، هذا عدا عن طلبات التشاور التي تحصل قبل شهر من الإقدام على الصرف كما ينصّ عليه قانون العمل وتبلغ 234 طلباً”.
وحول آلية التعاطي مع تلك الشكاوى، تؤكد الدويهي أنها تشارك شخصياً في جلسات التشاور التي تحصل مع الشركات والمجموعات الكبيرة المصروفة، وتضيف: “قانون العمل يلزم ربّ العمل بإبلاغ الوزارة قبل شهر من الصرف بالتقدّم بطلبات تشاور، فتُعقد بناء على ذلك جلسة بين فريق عمل الوزارة وإدارة الشركة التي تريد صرف عمالها، فتحصل مفاوضات للتوصل الى حلول تناسب الطرفين. ونظراً الى وضع المؤسسات المالي الصعب والإقفالات المتفاقمة للمؤسسات بسبب الركود الإقتصادي في البلاد وجائحة “كورونا، يتكاثر الصرف، وفي ظلّ هذا الوضع نحاول أن نضغط على صاحب المؤسسة للحدّ من أعداد الأفراد الذين سيتمّ صرفهم أقلّه الى النصف”.
وتوضح وزيرة العمل أنه “إذا كان العدد الذي تنوي المؤسسة فسخ التعاقد معه على سبيل المثال نحو 50 موظفاً، نحاول أن نخفّض الرقم الى النصف بأقل تقدير. فالهمّ الأكبر للوزارة في هذه الآونة تأمين استمرارية العمل للمستخدمين والتفاوض حول تأخير فسخ العقد من خلال منحهم نصف معاش أو حذف أيام من الفرص السنوية بداية، قبل الوصول إلى مرحلة الصرف”.
وأضافت في حال “لم نتوصل الى حلّ لاستمرارية عمل الموظفين وخفض الأعداد التي ستصبح عاطلة من العمل، يبقى الهمّ الثاني تأمين التعويضات وحصول الأفراد على حقوقهم. أما في حال إقبال أي شركة على الصرف الجماعي من دون تقديم طلب تشاور الى “العمل”، عندها تعتبر الوزارة الصرف تعسّفياً”.
وإذ تلفت إلى أنّ “إحجام بعض المصروفين من العمل عن رفع شكوى أمام وزارة العمل يصعّب تحديد الرقم الفعلي لأعداد العاطلين عن العمل على صعيد لبنان ككل”، وتشير يمّين إلى أنّ “عدداً كبيراً من المصروفين يتقدّم بدعاوى أمام مجلس العمل التحكيمي، وهذه من الحالات غير المدرجة ضمن الشكاوى التي ترد إلى وزارة العمل”.
وحول الإقتراحات التي وضعتها لمواجهة أزمة تداعيات إقفال المؤسسات وتفاقم البطالة، تجيب يمّين: “تقدّمت باقتراحين للسماح للمؤسسات والموظفين المصروفين بتخطي الأزمة. إقتراح تمويلي يوزّع على أرباب العمل للمحافظة على عقود الموظفين وعدم وضع حدّ لها، وهو عبارة عن دعم من خلال المساهمة في تسديد جزء من الاشتراكات للضمان بواسطة هبة أو قرض، يخوّل أصحاب الشركات الإستمرار وتسديد أجور مستخدميهم. أما الاقتراح الثاني فينصّ على إنشاء صندوق التمكين الإجتماعي لدعم اللبنانيين في ظل أزمة البطالة والأزمات المستجدة كأزمة الكورونا، على غرار سائر الدول وهو ما يُعرف باسم صندوق البطالة أو Retirement fund، وأنا كنت قد اقترحت إقامته بإتقان بناءً على دراسات وإحصائيات وحلول بناءة لتداعيات الأزمة”.