كما كان متوقعاً أقرّت لجنة المؤشر خلال اجتماعها امس رفع بدل النقل للقطاع الخاص الى 450 الفاً أسوة بالقطاع العام، أما ملف تعديل الاجور فبقي في اطار المناقشات المفتوحة التي قد تصبح اكثر فاعلية عندما تتوقف الحرب على غزة.
بعدما كانت وصلت المباحثات الى رفع الحدّ الأدنى للاجور في القطاع الخاص الى مراحل متقدّمة ما بين رئيس الهيئات الاقتصادية محمد شقير ورئيس الاتحاد العمالي العام بشارة، حالت الاوضاع الأمنية في الجنوب من وصولها الى خواتيمها السعيدة. فالقطاع الخاص الذي كان بدأ يخرج من كبوته ابان موسم سياحي ناشط واستقرار في سعر الصرف، عاد وانتكس بفعل اشتعال جبهة الجنوب، التي تلاشت معها كل مؤشرات النمو المحققة، وقد زاد الطين بلّة الضربة التي اتت عبر البحر من خلال تعذّر الاستيراد والتصدير البحري نتيجة التطورات الامنية في البحر الاحمر، وارتفاع كلفتي التأمين والشحن.
وعليه، توقف البحث في ملف الاجور، بعدما كان هناك توجّه لرفع الحدّ الادنى الى 20 مليوناً، لكن تمّت الموافقة رسمياً امس على رفع بدل النقل اليومي الى 450 الف ليرة للقطاع الخاص، وذلك في خلال اجتماع لجنة المؤشر الذي انعقد امس في وزارة العمل برئاسة الوزير مصطفى بيرم في اطار مواكبة معالجة رواتب واجور وبدل النقل للعاملين في القطاع الخاص.
وقال بيرم بعد الاجتماع: «استمعنا من اصحاب العمل الى عرض اقتصادي ووضعونا في أجواء تأثرهم بالأوضاع الحاصلة بسبب العدوان على غزة، والتوتر الاقليمي الحاصل جراء هذا العدوان، وايضاً الاعتداءات المستمرة على لبنان، وتمّ الاتفاق على إقرار بدل النقل اليومي في القطاع الخاص 450 الف ليرة يومياً، بما يجعلهم على قدم المساواة مع القطاع العام، اما في ما يتعلق بالأمور الاخرى، استمعنا الى العديد من المقترحات والافكار في هذا المجال، وهي افكار قيّمة تحتاج الى مزيد من المتابعة. وامام هذا الوضع الاقتصادي نعلن انّ اللجنة ستعاود اجتماعاتها تباعاً لمواكبة التطورات وستكون الآثار اكثر فاعلية عندما تتوقف الحرب العدوانية على غزة وستكون هناك مخرجات جديدة، ولن نربط الاجتماعات بأي شيء آخر، بل هي ستكون مستمرة بوتيرة معينة من اجل متابعة النقاشات ومواكبة العاملين، مع الأخذ بالاعتبار مصالح اصحاب العمل الذين نتمنى لهم الاستمرار لأنّ استمرارهم يؤثر في العجلة الاقتصادية ايجاباً، كما انّه يؤثر ايجاباً على العمال وتستفيد منه الدولة اللبنانية».
الاسمر لـ«الجمهورية»
في السياق، اوضح رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الاسمر لـ«الجمهورية»، انّه سبقت اجتماع لجنة المؤشر لقاءات حوارية عدة بين العمالي والهيئات حتى تمّ الاتفاق على بدل النقل الذي أُقرّ امس في لجنة المؤشر كتخريجة رسمية، على ان يصدر القرار بمرسوم حتى يصبح ساري المفعول.
وقال: «بالامس خلال اجتماع لجنة المؤشر نقلنا اجواء الحوار الذي سبق وحصل بيننا وبين الهيئات الاقتصادية قبل حرب غزة، في حينها كان هناك اتفاق في ما بيننا على رفع الحدّ الادنى للاجور، وقد قطعنا شوطاً كبيراً في هذا الاطار، كما اتفقنا يومها على رفع بدل النقل، الاّ انّ احداث غزة غيّرت كل المعادلات، واتجه الوضع الاقتصادي نحو الأسوأ بعدما تمّ تسجيل موسم سياحي ناشط من حيث الحركة في المطاعم والفنادق والملاهي وحركة تجارية ممتازة ودخول المليارات الى البلد. في ظلّ هذه الأجواء كان الحوار لرفع الاجور قائماً وايجابياً، الّا انّ حرب غزة ردّت الامور الى الخلف بعدما تراجع حجم الاعمال في القطاع الخاص بشكل لافت، فتوقف البحث في ملف الاجور واستمر الحوار بخصوص بدل النقل الذي ارتفع بما يقارب الـ10 ملايين ليرة في الشهر، وهو بذلك بات اعلى من الحدّ الادنى للاجر الذي هو حالياً 9 ملايين ليرة».
وأكّد الاسمر انّ الحوار مع الهيئات لرفع الاجر لا يزال مستمراً بشكل يصبح مقبولاً من الطرفين، انما هناك تريث ريثما تتوفر له الظروف الاقتصادية الملائمة. وقال: «انّ جزءاً كبيراً من القطاع الخاص يدفع جزءاً صغيراً من رواتب موظفيه بالليرة اللبنانية ويصرّح عنها للضمان، انما الجزء الاكبر يدفعه بالدولار الفريش كمساعدات اجتماعية ولا يتمّ التصريح عنها للضمان الاجتماعي، وهذا ما سيخفّض لاحقاً قيمة تعويضات نهاية الخدمة للموظفين، ولا عجب في ذلك لأنّ الدولة التي هي أكبر صاحب عمل تلجأ الى دفع الزيادات تحت مسمّى مساعدات اجتماعية، كي لا يدخلوا في صلب الراتب وترتفع تالياً متوجباتها عند تعويضات نهاية الخدمة.
والمفارقة اليوم انّ الاجر في القطاع العام لا يزال يُحتسب على دولار 1500 ليرة والحّد الادنى المسجّل هو 900 الف ليرة فيما الحدّ الأدنى للاجور في القطاع الخاص 9 ملايين ليرة». وإذ أكّد انّ «الهوة بين القطاعين ستظل قائمة، علماً اننا نسعى الى تقليصها»، اشار الى انّه «اذا احتسبنا ما يسمّى «مساعدات اجتماعية» يتلقّاها موظف القطاع العام شهرياً، يصل اجره الى نحو 9 ملايين ليرة واحياناً أكثر».
وعن الأرقام المطروحة للحدّ الادنى للاجور، كشف الاسمر انّه قبل الحرب كان هناك توجّه لرفعه الى 20 مليون ليرة بشكل يكون مقبولاً من الطرفين، تُضاف اليه نحو 10 ملايين ليرة شهرياً كبدل نقل، والملحقات مثل المدارس وتعويضات عائلية، ليرتفع الرقم الى حدود 40 مليون ليرة شهرياً.