بيان “المركزي”: “على الوعد يا كمّون”!

قبل أيام على رفع الدعم، وفي ظل وصول كل اقتراحات تمويل البطاقة البديلة إلى حائط مسدود، فجّر مصرف لبنان “قنبلة صوتية” صمّ دويّها آذان المودعين ولم تلتقط “رداراتهم” إلا إمكانية إسترجاع جزء من ودائعهم بالدولار الأميركي، بسقف يصل إلى 25 ألف دولار مقسطة على ثلاث سنوات.

وإذا كان بيان “المركزي” أكد بحرفيته على مفاوضة المصارف لسداد المبلغ بالدولار أو بأي عملة أجنبية أخرى، غير أنّ مصادر مالية قرأت بين سطوره ما يثير الريبة إزاء احتمال التحايل على المودعين عبر “إلزامهم سحب نسبة موازية من إيداعاتهم بالليرة اللبنانية على سعر صرف 3900 عند كل عملية سحب بالدولار”، وهو ما أكده الخبير المصرفي والمالي جان رياشي، ما يعني في حال كان ذلك صحيحاً، تشريع “هيركات” بنسبة 33 في المئة على صغار المودعين الذين يملكون أقل من 50 ألف دولار، مع أن ذلك يتعارض مع ما وعدت به خطة الحكومة بحماية 98 في المئة من صغار المودعين، ومع ما يجري في البلدان التي تصاب بالأزمات، على غرار قبرص التي حمت كل الحسابات التي تقل عن 100 ألف دولار.

الإشكالية الثانية في قرار “المركزي” تتمحور حول السؤال: من أين ستأتي الدولارات؟ فيجيب رياشي “من المصارف التجارية، وليس من الإحتياطي الذي يقدره المركزي بـ 16.8 مليار دولار، لأن الهدف هو المحافظة على هذا الإحتياطي وعدم التفريط به”. لكن من جهة أخرى فإنّ المصارف الملزمة بدفع ما يقدر بـ 4 مليارات دولار سنوياً من خارج إحتياطيها الإلزامي الموجود في مصرف لبنان، لن يبقى أمامها إلا حلان: إما مطالبة “المركزي” بتحرير ودائعها بالدولار الموجودة لديه في حسابات جارية، والتي يصل مجموعها إلى 80 مليار دولار، أو الإستحصال على احتياطيها في الخارج. ولهذا وردت في البيان بحسب رياشي عبارة “التفاوض مع المصارف”. وهنا يبرز السؤال الجوهري: هل باستطاعة مصرف لبنان إرجاع ودائع البنوك غير المجمدة؟ ذلك لأنّ الرهان على التعميم 154 في غير مكانه. فالمصارف لم تستطع تكوين مؤونة بنسبة 3 في المئة من ودائعها في الخارج، وحث المودعين على إرجاع 15 و30 في المئة من المبالغ المحولة إلى الخارج التي تفوق 500 الف دولار، سيكون أصعب، لان هذا الإجراء يقول لهم “ارجعوا اموالكم لنعطيها لغيركم”.

باختصار، على الأرجح سيبقى وعد المركزي “على الوعد يا كمّون” ذلك أنّ الغوص في تقنيات تنفيذه أصعب بكثير من إطلاقه، وخباياه لن تكشف إلا مع وضعه موضع التطبيق في الأيام المقبلة، وما سيرافق التنفيذ من تطورات وأحداث مرتبطة بهذا الملف.

مصدرنداء الوطن
المادة السابقةتعاميم عن “المركزي” لآلية عمل المنصّة الإلكترونية
المقالة القادمةمراكز المعاينة الميكانيكية مقفلة حتى تصبح بعهدة الدولة