المركزي التركي يفرض حالة طوارئ في سوق الصرف

كشفت تحركات السلطات النقدية التركية لدعم الليرة، التي انحدرت قيمتها بشكل غير مسبوق خلال الفترة الماضية أمام الدولار، عن مدى الأزمات المزمنة التي تطوّق الاقتصاد بالنظر إلى ارتفاع منسوب التضخم والتأثيرات الجانبية الأخرى التي أصابت الأنشطة التجارية والاستثمارات.

وفي خطوة هي الأولى منذ أن تدحرجت العملة التركية، قياسا بما كانت عليه قبل سبع سنوات، أعلن البنك المركزي الأربعاء أنه سيتدخل في سوق الصرف لإنقاذ الليرة من الانحدار بشكل أكبر.

وقال المركزي في بيان إنه اتخذ إجراءات بسبب “تشكيلات أسعار غير صحية” في الليرة، والتي شهدت تراجعا قياسيا في قيمتها منذ أن جدد الرئيس رجب طيب أردوغان مساعيه لخفض أسعار الفائدة.

وارتفعت قيمة العملة التركية في البداية مقابل الدولار بعد إعلان المركزي، حيث صعدت بنسبة 8.5 في المئة، ثم قلصت المكاسب في وقت لاحق.

وسجلت الليرة تراجعا تاريخيا جديدا الثلاثاء الماضي بخسارتها أكثر من 4 في المئة من قيمتها في يوم واحد مقابل سلة العملات الرئيسية، حيث جرى تداول الدولار عند 13.44 ليرة واليورو عند 15.15 ليرة.

وقال أردوغان في أنقرة الأربعاء، متحدثا إلى مجموعة من الصحافيين بعد مخاطبة نواب حزبه في البرلمان، إن البنك المركزي “يمكن أن يقوم بالتدخل اللازم إذا لزم الأمر”.

ويمثل التدخل الذي يحدث في كل من الأسواق الفورية والعقود الآجلة حلقة جديدة في أحدث محاور سياسة أردوغان، ولكنه يعني أن المركزي أعلن بشكل متأخر عن حالة طوارئ في سوق الصرف التي باتت في وضع سيء.

وتعهد أردوغان الثلاثاء الماضي بالاستمرار في خفض أسعار الفائدة حتى انتخابات 2023. وقال إن البلاد لن تحاول بعد الآن جذب “الأموال الساخنة” من خلال تقديم أسعار فائدة مرتفعة وليرة قوية.

وفي السيناريو الأساسي لأردوغان ستعزز الأموال الأرخص التصنيع وخلق فرص العمل بينما يستقر التضخم في النهاية.

ويُظهر القرار المفاجئ للسلطة النقدية ببيع المزيد من أصولها الأجنبية المتضائلة أن صانعي السياسة أصبحوا أقل ارتياحا لتقلبات الليرة المتزايدة من الرئيس التركي.

وتراجعت الليرة بأكثر من 30 في المئة منذ أن بدأ المركزي سياسة التيسير في سبتمبر الماضي، وهو أكبر انخفاض في قيمة العملة في الأسواق الناشئة.

ونسبت وكالة بلومبرغ إلى بيوتر ماتيس، المحلل في “إن.توش كابيتال”، قوله إن الخطوة “تعكس مدى خطورة الوضع، لكنها من المحتمل أن تثبت أنها غير كافية”.

وأضاف “لا تملك تركيا احتياطيات عملات أجنبية كافية لبيع كمية كبيرة من الدولارات بشكل منتظم”.

وكان آخر تدخل للمركزي لضبط سوق الصرف في عام 2014 عندما ضخ 3.1 مليار دولار في الأسواق الفورية.

ولكن هذه الخطوة فشلت في جعل الليرة مستقرة، وبعد أقل من أسبوع اضطر المركزي خلال اجتماع طارئ آنذاك إلى مضاعفة سعر الفائدة القياسي إلى 10 في المئة.

وتواجه البلاد مجموعة مختلفة جدًا من الظروف الآن رغم أن أردوغان يقول إن الاقتصاد قد ينمو بواقع 10 في المئة هذا العام.

ويعد شهاب كافجي أوغلو رابع محافظ للبنك المركزي منذ أن وسع أردوغان سلطاته في 2018، بما في ذلك القدرة على إقالة محافظي البنوك واستبدالهم.

وسمحت توجيهات كافجي أوغلو المستقبلية في الأشهر الأخيرة بإفساح المجال لخفض أسعار الفائدة بينما استمر التضخم في الارتفاع، ومنذ سبتمبر الماضي خفض المركزي سعر إعادة الشراء لأسبوع واحد بمقدار 4 نقاط مئوية إلى 15 في المئة.

وقال أردوغان الثلاثاء إن السياسات القديمة القائمة على فرضيات “خاطئة” ستؤدي إلى تفاوتات أوسع، بينما تترك تركيا تحت رحمة أباطرة المال الأجانب.

وأضاف أن “سياسة سعر الفائدة المرتفع المفروضة علينا ليست ظاهرة جديدة، إنها نموذج يدمر الإنتاج المحلي ويجعل التضخم الهيكلي مستداما من خلال زيادة تكاليف الإنتاج. نحن ننهي هذه الدوامة”.

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةبيانات اقتصادية متضاربة عن قطاع التصنيع الصيني
المقالة القادمةالأردن وسوريا يعيدان إحياء نشاط منطقة التجارة الحرة المشتركة