الوضع المالي الكلي يظهر استقراراً بنظرة متفائلة في السعودية

برغم الظروف الصعبة التي يمر بها العالم والتي ألقت بظلالها على الاقتصاد الدولي والحركة التجارية العالمية، أكدت تقارير وبيانات في السعودية استقرار الوضع المالي الكلي في البلاد مع نظرة متفائلة على المعطيات والمؤشرات المالية الحالية.

وفي وقت ترى فيه دراسة دورية أن التعامل الحكومي والتعاون الجاد مع المصارف والبنوك السعودية أسهم في الحفاظ على استقرار الائتمان ومعدلات السيولة، أكد مسؤول مصرفي أن النمو في حجم مطلوبات المصارف من القطاع الخاص، تجاوز نسبة 13 في المائة خلال عام، في وقت تستمر فيه البنوك السعودية في دعم القطاع الخاص بمختلف مكوناته وطبيعة نشاطاته التي تخدم التنمية السعودية وتلبي احتياجات الاقتصاد الوطني.
ومنذ بداية الجائحة، بادرت البنوك السعودية بدعم من مؤسسة النقد العربي السعودي بتبني تقديم العديد من المبادرات والبرامج للقطاع الخاص على وجه العموم وللمنشآت الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر على وجه الخصوص، وذلك بهدف التخفيف من آثار وتبعات الجائحة على استمرارية الأعمال والتدفقات النقدية. وإلى تفاصيل أكثر في التقرير التالي:

مطلوبات المصارف

قال لـ«الشرق الأوسط» طلعت حافظ الأمين العام للتوعية المصرفية متحدث البنوك السعودية: «رغم ما حل بالعالم خلال هذه الفترة من أزمة صحية عالمية عصيبة عطلت العديد من الاقتصادات على مستوى العالم، وتسببت في إرباك العملية الإنتاجية وأحدثت شللاً غير مسبوق في الحركة التجارية، فإن مطلوبات المصارف من القطاع الخاص نمت بأكثر من 13 في المائة خلال فترة عام».

وأضاف حافظ أن مطلوبات المصارف من القطاع الخاص بلغت بنهاية شهر يونيو (حزيران) الماضي، قرابة 1.7 تريليون ريال (453.3 مليار دولار) مقارنة بقرابة 1.5 تريليون ريال (400 مليار دولار) بشهر يونيو (حزيران) من العام الماضي.

البنوك والإجراءات

وبناء على توجيه «مؤسسة النقد»، وفق حافظ، تبنت البنوك العديد من الإجراءات الاحترازية التي تصب في صالح كلٍّ من العميل والبنك والاقتصاد، سواء المرتبطة بتعديل أو إعادة هيكلة التمويلات الحالية دون أي تكاليف أو رسوم إضافية؛ لتخفيف آثار كورونا وتمكين القطاع من الاستمرارية في ممارسة الأعمال والمحافظة على مستويات التوظيف للمنشآت المتضررة من انتشار الفيروس. ويتم ذلك، بحسب حافظ، من خلال توفير الاحتياجات التمويلية وتقديم الدعم اللازم للعملاء الأفراد الذين فقدوا وظائفهم في القطاع الخاص وإعفاء جميع العملاء من رسوم إجراء العمليات عبر القنوات الإلكترونية، ومن رسوم انخفاض الرصيد عن الحد الأدنى، ومن أي رسوم تُفرض على عمليات إعادة التمويل أو إنهاء اتفاقيات قائمة (سواء تمويل أو من جانب الودائع)، ولمدة ستة أشهر على الأقل.

جانب من الدعم

وأضاف حافظ أن الإجراءات التي أطلقتها «مؤسسة النقد» تضمنت برنامج دعم تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة، واستهدفت التخفيف من آثار التدابير الاحترازية لمكافحة كورونا على قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وتحديداً تخفيف أعباء تذبذب التدفقات النقدية ودعم رأس المال العامل لهذا القطاع وتمكينه من النمو خلال المدة المقبلة والمساهمة في دعم النمو الاقتصادي والمحافظة على التوظيف في القطاع الخاص.
وزاد حافظ أن البرامج تضمنت دعم ضمانات التمويل بإيداع مبلغ يصل إلى 6 مليارات ريال (1.6 مليار دولار) لصالح البنوك وشركات التمويل لتمكين جهات التمويل (البنوك وشركات التمويل) من إعفاء المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من تكاليف برنامج ضمانات تمويل قروض (كفالة) بغرض المساهمة في تخفيض تكلفة الإقراض للمنشآت المستفيدة من هذه الضمانات خلال العام المالي 2020 ودعم التوسع في التمويل.

وقال حافظ إن هناك برنامج دعم رسوم عمليات نقاط البيع والتجارة الإلكترونية، لدعم رسوم المدفوعات لجميع المتاجر ومنشآت القطاع الخاص لمدة 3 أشهر، وذلك بقيمة إجمالية تفوق 800 مليون ريال (213.3 مليون دولار)، من خلال تحمل «ساما» لتلك الرسوم لصالح مقدمي خدمات المدفوعات المشاركين في المنظومة الوطنية.

الوضع المالي الكلي

من جانبها، رصدت مجموعة «سامبا» المالية في تقرير اقتصادي أعدته، مؤشرات مالية إيجابية، حيث ترى أن الوضع المالي الكلي للمملكة يظهر استقراراً رغم الانخفاض الحاد لأسعار النفط هذه السنة، مبينة أنه بالرغم مما يعانيه الحساب الجاري من ضغوط، فإنه حقق فائضاً في الربع الأول من هذا العام.

وقال التقرير إن الثقة في النظام المصرفي ما زالت قوية، حيث ازدادت الودائع بنسبة 10 في المائة في شهر مايو (أيار) الماضي، يضاف إلى ذلك التدخلات التي بذلتها السلطات السعودية لدعم معدلات السيولة ومؤسسات الأعمال، لا سيما فيما يخص المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.

ضغوطات الشركات

ومع الضغوط التي شهدتها بعض قطاعات الشركات بسبب إجراءات حظر التجول والقيود المتعلقة بالقوى العاملة والتخفيضات الكبيرة للاستثمارات العامة، قال التقرير إن السلطات تعمل بجد مع المصارف لضمان الحفاظ على استقرار خطوط الائتمان، فيما حافظ النمو الائتماني للقطاع الخاص على متانته عند نسبة 11 في المائة تقريباً.
ويلفت التقرير إلى أن معدل البطالة بين السعوديين انخفض إلى 11.8 في المائة خلال الربع الأول من العام الحالي بعدما كان 12 في المائة في الربع الرابع من العام الماضي 2019، مدفوعاً بزيادة التوظيف بين النساء، فيما ارتفعت عمالة الوافدين بنحو 200 ألف، مع توفر بيانات مؤشر مديري المشتريات بأن تعود عمالة الوافدين إلى الهبوط مجدداً.

وبحسب التقرير، اتجه متوسط الأجور في القطاع العام السعودي إلى الارتفاع بنسبة 0.9 في المائة مقارنة مع الربع الرابع من العام الماضي، وبنسبة 3 في المائة فيما يخص أجور السعوديين في القطاع الخاص، الأمر الذي أسهم في تضييق الفجوة بين أجوره وأجور القطاع العام.

المستثمر الدولي

ويشير التقرير في قراءته لواقع الاقتصاد السعودي إلى أن المستثمرين الدوليين في السندات غير قلقين من أثر انخفاض أسعار النفط على الميزانية والاقتصاد السعوديين، حيث تم تجاوز حد الاكتتاب على طرح السندات السيادية في أبريل (نيسان) الماضي، بمقدار ثمانية أضعاف تقريباً، ما يعكس تفاؤلاً إلى حد كبير بالوضع المالي للمملكة.
آخذ في التعافي

واعتبر «التقرير الاقتصادي» الصادر عن مجموعة سامبا المالية أن الاقتصاد العالمي آخذ بالتعافي – وإن كان بصورة بطيئة – من آثار جائحة كورونا (كوفيد – 19)، بعد أن بلغ النشاط الاقتصادي القاع في شهر أبريل (نيسان) الماضي جرّاء تبعات الجائحة، متوقعاً أن يكون مسار التعافي متفاوتاً تبعاً لاختلاف السياسات الوطنية لكل دولة في الاستجابة للأزمة.

وأشار التقرير الذي يرصد تطور مؤشرات الاقتصاد العالمي لشهر يوليو (تموز) 2020، إلى أن الدول الأوروبية التي تعاملت مبكراً وبشكل حازم مع الأزمة قد بدأت معظمها تبدي مؤشرات عودة قوية لنشاطاتها الاقتصادية مع تخفيف القيود المفروضة، وعلى نحو مغاير للولايات المتحدة الأميركية التي اختلف فيها مستوى الاستجابة بحسب الولاية.

سيناريو النفط

من جهة أخرى، لفت تقرير دوري صادر عن مجموعة سامبا المالية حول الوضع الاقتصادي السعودي إلى أن المملكة واجهت آثار جائحة كورونا وانخفاض أسعار النفط في آن واحد، مشيرة إلى أن الضربة الأكبر كانت من نصيب قطاع الخدمات، لكن هذه التأثر خُفف جزئياً بفعل ارتفاع مستويات التوظيف لدى القطاع العام، فيما اقتصر فقدان الوظائف إلى حد كبير على الوافدين.

ورغم استعادة أسعار النفط لبعض خسائرها السابقة واستقرارها في حدود 40 و45 دولاراً للبرميل، رجّح التقرير الاقتصادي الصادر عن «سامبا» أن تعود الأسعار للانخفاض قليلاً مع بدء طرح الخام الأميركي الذي كان محتبساً إلى الأسواق.

واستطرد التقرير: «ستعاود الأسعار للارتفاع في الربع الرابع من العام الحالي مع زيادة زخم الطلب رغم تضاؤل الآمال بفعل الموجة الثانية من الإصابات بفيروس (كوفيد – 19) في الولايات المتحدة»، متوقعاً أن يصل متوسط سعر خام برنت تبعاً لذلك إلى 40 دولاراً للبرميل هذا العام، ويرتفع إلى 46 دولاراً للبرميل في 2021.

مصدرالشرق الأوسط - فتح الرحمن يوسف
المادة السابقةمصر تسعى لشراء كمية غير محددة من القمح للشحن في تشرين الاول
المقالة القادمة«البلازما» تمنح الأسواق أملاً