بيان “المركزي”… مناورة أم نعي للبطاقة التمويلية؟

“المركزي” أضاف “حزّورة” جديدة إلى قاموس مفرداته، باعلانه بدء المفاوضات لاعتماد آلية تبدأ بموجبها المصارف بتسديد تدريجي للودائع التي كانت قائمة قبل 17 تشرين الأول 2019.

ما فهم منه على أنه تقسيط نسبة من الودائع بالدولار الطازج بسقف يصل إلى 25 ألف دولار أميركي في نهاية حزيران، ما هو في الحقيقة إلا متاهة جديدة في السراديب التي تربط “المركزي” مع المصارف. وعلى الرغم من أن البيان الإعلامي غير واضح لجهة حتمية الدفع بالدولار، إذ إنه قال: “دفع مبالغ مالية تصل إلى 25 ألف دولار أميركي، وبالدولار الأميركي أو أي عملة أجنبية، إضافة إلى ما يساويها بالليرة اللبنانية”، ما يعني بحسب أحد الخبراء المصرفيين أن الدفع سيكون بالليرة بما يوازي سعر المنصة الجديدة أي 10 آلاف ليرة مقابل الدولار. وبالتالي يستمر “المركزي” في تخفيض ديون القطاع المصرفي بالدولار بعدما انخفضت بنحو 35 مليار دولار في العام الماضي. ومع هذا سنسلم جدلاً بأن الدفع سيكون بالدولار، لننتقل إلى معالجة الإشكاليات الأخطر التي تضمنها البيان الإعلامي.

مع هذا، سنفترض مرة جديدة بأن “المركزي” سيسدد النسبة الموعود بها من الإحتياطي (الصافي والإلزامي)، مع العلم أن هذه الآلية لا تتطلب المفاوضة مع المصارف، وهي في جميع الأحوال تتضمن أفخاخاً تقنية. فـ”حصرها بالودائع التي كانت قائمة قبل 17 تشرين الأول يحرم من نقل حسابه إلى مصرف جديد أو وضع شيكاً في حسابه، أو راكم حوالات ورواتب بعد هذا التاريخ من الإستفادة من الدولار الطازج”، بحسب الخبير الاقتصادي والمالي د. جو سروّع. ولنعتبر أن سقف التسديد بالدولار سيصل إلى 25 ألفاً، فهذا يعني أن من يملك 170 ألف دولار يحصل على 15 في المئة المتبقية من وديعته بالإحتياطي كاملة. وبهذا تكون كل الحسابات تحت 170 ألف دولار أخذت حقها، فيما ظلم أصحاب الحسابات التي تتجاوز هذا الرقم.

“بالأرقام يبلغ عدد الحسابات المصرفية التي تحتوي على أقل من 25 ألف دولار حوالى 1.5 مليون حساب”، بحسب المستشار المالي د. غسان شماس، وعليه فان “استفادة أصحاب هذه الحسابات من 200 إلى 300 دولار شهرياً، يخفض عدد المواطنين الذين سوف يستفيدون من البطاقة التمويلية”. وبهذه الطريقة يوفر مصرف لبنان تمويل بطاقة لحوالى 550 ألف عائلة ويزيد عرض الدولار في السوق تمهيداً لإطلاق المنصة. فبدل ان يبيع مصرف لبنان الدولار بواسطة المنصة، سيدعم المنصة “بتفليت” ما بين 20 إلى 40 مليون دولار شهرياً من أموال المودعين، ويستغني عن إعطائهم بطاقات الدعم في الوقت ذاته”. “وبهذه الطريقة يسجل نقاطاً نقدية وسياسية، فهو من جهة، يعيد للمودعين نحو 600 مليون دولار سنوياً من “كيسهم”، بحسب شماس، “وذلك بدلاً من أن يتحمل كلفة الدعم الكلي بأكثر من 5.5 مليارات أو تمويل البطاقة مع بعض الدعم بأكثر من 4 مليارات دولار”، ومن جهة أخرى، “يخفف من النقمة الشعبية العارمة عند صغار المودعين، ويرسمل المنصة من محفظة المودع، ويخفف من ديونه تجاه المصارف وديون المصارف تجاه المودعين، أي أنه “يعوّم” المصارف”، يقول شماس.

مصدرنداء الوطن - خالد أبو شقرا
المادة السابقةالبراكس عن أزمة البنزين: «في طريقها إلى الحلحلة»!
المقالة القادمةبارود: قرار تجميد سلفة الكهرباء يصبح نافذاً مع إنتهاء مهلة ما بعد الطعن