لم يتبقَّ للبنانيين سوى سمك في بحر

بين موانئ الصيادين وسوق السمك المركزي تتوزع كميات الأسماك المتوافرة في السوق اللبناني، وتتنوع بين محلّي ومستورد وبين شعبي ورفيع المستوى اما الأسعار فتحددها عوامل كثيرة. نقيب صيادي الأسماك في بيروت وضواحيها جان شواح يؤكد أن “السمك اليوم صار أرخص مما كان عليه سابقاً إذا أردنا “تقريشه” بالدولار، ولو رفع الصيادون اسعار سمكهم بنسبة ارتفاع الدولار لما استطاع أي لبناني أن يأكل السمك المحلي او حتى المستورد. فالصيادون اضطروا الى رفع سعر الأسماك التي يصطادونها بسبب ارتفاع كلفة الصيد واسعار معداته من الشباك الى الخيوط، فقطع الغيار لمحركات المراكب وسعر المازوت، وعلى سبيل المثال بعض اصناف الأسماك كانت تباع بـ30,000 ليرة للكيلو الواحد أي بـ20 دولاراً، اليوم بات سعرها يوازي دولارين ونصف الدولار إذا لم يعمد الصيادون الى رفعه بنسبة مقبولة”.

هي النغمة ذاتها تتكرر في كل عملية رصد لارتفاع اسعار المواد على اختلافها، فبين الليرة والدولار ضاعت المعايير وصار كل ارتفاع مبرر. ومروحة الخيارات والأسعار كبيرة وليست موحدة كأسعار اللحوم والدجاج ويمكن لكل فئات الشعب أن تجد بينها ما يناسبها. مع بداية ارتفاع الأسعار تراجع الطلب على الاسماك بحسب النقيب ومن كان يأكل السمك مرة في الأسبوع صار يأكله مرة في الشهر. ولكن مؤخراً و بسبب طيران اسعار اللحوم عاد الإقبال لشراء السمك وعاد المواطنون يجدون فيه الحل الذي يناسب ميزانيتهم.

نسأل النقيب إذا كان السمك المحلي يكفي السوق اللبناني ويؤمن ما يحتاجه اللبنانيون في هذه الظروف العصيبة؟ يخبرنا ان “الانتاج المحلي ليس كبيراً ولا كافياً لأسباب مختلفة منها أن الصيد في لبنان ساحلي، ولا مراكب كبيرة كما في تركيا تصطاد في عرض البحر بكميات كبيرة ولا قوانين تحمي الصيد والأسماك. اما أنواع الأسماك الأخرى وما يعرف بالسمك الساكن فهي غير كافية وفي غير موسمها تكون اسعارها مرتفعة، لذا فإن الحاجة الى الاستيراد ضرورية لتأمين السوق على الا ينافس السمك المستورد البلدي، وأن توضع عليه ضرائب لحماية الصيادين وانتاجهم المحلي، لا سيما بالنسبة للاصناف التي يتواجد منها في البحر اللبناني”.

سبب غلاء اسعار الأسماك يلخصه رئيس النقابة بالتالي: ارتفاع الدولار، تقلّص العرض، منافسة التعاونيات التي حظيت بدعم لبعض اصناف السمك المباعة فيها. مفاجأة غريبة تدفعنا للتساؤل كيف يمكن للتعاونيات ان تنافس سوق السمك بالجملة؟ يبدو ان ثلاث تعاونيات قد حظيت بدعم لصنفي “الأجاج” و”البراق” فيما لم يعط هذا الدعم لسوق السمك، فبات هناك تفاوت كبير في اسعار هذين الصنفين بين سوق السمك والتعاونيات المحظوظة.

باختصار لا يزال الصيد في لبنان عملية حرفية ومن ينتظر سمكاً في بحر عليه الا يأمل كثيراً بثروتنا السمكية الضائعة ككل ثروات بحرنا.

مصدرنداء الوطن - زيزي إسطفان
المادة السابقة“الدواء” بحاجة إلى من يداويه
المقالة القادمةحب الله ووفد من جمعية الصناعيين التقوا سلامة وناقشوا تحرير أموال الصناعيين لتمويل شراء المواد الاولية