نشاط متزايد للبنوك الأوروبية في الملاذات الضريبية

واصلت بنوك أوروبية في ضرب التدابير التي اتخذتها السلطات النقدية في الاتحاد الأوروبي بعرض الحائط ولم تقم بأي خطوات جدية لتقليل تعاملها مع الملاذات الضريبية والتي تفقد الاقتصاد العالمي التريليونات من الدولارات سنويا. وأظهرت دراسة نشرها مرصد الضرائب الأوروبي أن بنوكا كبيرة في بريطانيا وألمانيا وفرنسا لم تخفض وجودها في الملاذات الضريبية طيلة السنوات الأخيرة على الرغم من الفضائح مثل “وثائق بنما” المنشورة في 2016 التي كشفت الممارسات المشكوك فيها لشركات متعددة الجنسيات للتهرب من الضرائب.

ووفق مرصد الضرائب الأوروبي الذي تستضيفه كلية باريس للاقتصاد، تسجل البنوك الأوروبية الرئيسية 20 مليار يورو كل عام أو 14 في المئة من أرباحها الإجمالية، في 17 منطقة لديها نظام ضريبي مشجع، وقد بقيت هذه النسبة ثابتة منذ العام 2014. وأوضحت هذه الهيئة التي تمولها المفوضية الأوروبية ويقودها الخبير الاقتصادي الفرنسي غابريال زوكمان أنه “رغم الأهمية المتزايدة لهذه المسائل في النقاش العام وفي العالم السياسي، فإن البنوك الأوروبية لم تقلص كثيرا وجودها في الملاذات الضريبية”. وراجع المرصد بيانات نشرتها 36 مؤسسة مالية خلال الفترة الممتدة من 2014 إلى 2020.

وتحدد البيانات 17 دولة وإقليما كوجهات مفضلة من بينها جزر الباهاماس والجزر العذراء وجزر كايمان وجيرزي وغيرنسي وجبل طارق وهونغ كونغ وماكاو وبنما، ومالطا ولوكسمبورغ وهما دولتان عضوان في الاتحاد الأوروبي.وقال خبراء المرصد إن “الأرباح المسجلة في الملاذات الضريبية مرتفعة بشكل غير عادي أي نحو 238 ألف يورو عن كل موظف مقابل 65 ألف يورو في بلدان أخرى”.

وأضافوا أن “هذا الأمر يشير إلى أن الأرباح المسجلة في الملاذات الضريبية تنقل بشكل أساسي من البلدان الأخرى التي يتم فيها إنتاج الخدمات”.

ومن بين البنوك الكبرى، يعتبر بنك أتش.أس.بي.سي البريطاني الأبرز على صعيد هذه الممارسات، فقد سجل أكثر من 62 في المئة من أرباحه قبل الضرائب في ملاذات ضريبية بين 2018 و2020، مقابل 49.8 في المئة لبنك مونتي دي باشي دي سيينا الإيطالي الذي يأتي ثانيا.

وحل بنك ستاندرد تشارترد البريطاني في المرتبة الثالثة بنحو 29.8 في المئة تلاه دويتشه بنك الألماني ونورد أل.بي الألماني الحكومي في المركزين الرابع والخامس.

أما بالنسبة إلى المؤسسات الفرنسية، فقد كان سوسييتيه جنرال الأبرز إذ بلغت نسبة أرباحه المسجلة في ملاذات ضريبية 13.8 في المئة، متقدمة على كريدي أغريكول بنحو 11.5 في المئة وبي.أن.بي باريبا بنحو 6.9 في المئة، لكن هذه المجموعات الثلاث قلصت نشاطها في هذه الدول مقارنة بالفترة 2014 – 2016 وفق المرصد.

وتجري مفاوضات في منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي لفرض حد أدنى من الضرائب على أرباح الشركات المتعددة الجنسيات من أجل مكافحات اللجوء إلى الملاذات الضريبية.

وشكل قرار مجموعة السبع في مايو الماضي بشأن ملاحقة الشركات متعددة الجنسيات انقلابا على الخلافات التي كانت قائمة بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة حول فرض ضرائب أكبر على عمالقة التكنولوجيا والتي تمكنت من التهرب لسنوات من دفع رسوم حقيقية على أعمالها عبر المنصات الرقمية.

وتظهر العديد من الدراسات والإحصائيات الدولية مجموعة من الأرقام التي تكشف الآفاق اللامحدودة لهذا العالم السري.

وقدرت شبكة العدالة الضريبية في تقرير العام الماضي حجم الثروات النازحة إلى 80 منطقة أوفشور بأنه يتراوح ما بين 21 تريليون دولار و32 تريليون دولار، وبالتالي فالأموال المستحقة ضريبيا على تلك الثروة تشكل ضعف المبلغ المطلوب للقضاء نهائيا على الفقر.

ويرى خبراء أن هذه الأرقام تمثل معضلة كبيرة للاقتصاد العالمي في ظل الوباء رغم ترسانة القوانين التي تتمتع بها أغلب دول العالم.

ولطالما أكدوا أنه من الضروري تعزيز هذه الترسانة التشريعية من خلال التدقيق وسد الثغرات، وكذلك التعاون بين الدول لإحكام المنظومة المالية والتجارية بما يحول دون هذه العمليات.

وبحسب تقديرات وكالة بلومبرغ للأنباء، يخفي أثرياء العالم في بنوك الأوفشور أكثر من 1.5 تريليون دولار.

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةالصكوك السيادية خيار التمويل الأفضل لتنمية المنطقة العربية
المقالة القادمةالسياحة اللبنانية تئن تحت وطأة فقدان المحروقات